كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 18)
مَا جَرَى مَجْرَى الْخَطَأِ، وَالْقَتْل بِسَبَبٍ، (1) وَفِي بَيَانِ كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الأَْقْسَامِ وَمُوجَبِهِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي " دِيَةٌ " " وَقَتْلٌ " " وَقَوَدٌ " " وَجِنَايَةٌ ".
وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى تَحْرِيمِ الْقَتْل بِغَيْرِ حَقٍّ، وَالأَْصْل فِيهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالإِْجْمَاعُ، أَمَّا الْكِتَابُ فَمِنْهُ قَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ} (2) وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَأً} (3) وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَل: {وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} . (4)
وَأَمَّا السُّنَّةُ فَمِنْهَا قَوْل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ يَحِل دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنِّي
__________
(1) رد المحتار 5 / 339 - 342، الخرشي 8 / 7 - 8، والمحلي على المناهج 4 / 96، والمغني 7 / 636، كشاف القناع 5 / 505.
(2) سورة الإسراء / 33.
(3) سورة النساء / 92، قال القرطبي: قوله تعإلى: (وما كان. . .) ليس على النفي وإنما على التحريم والنهي كقوله تعالى: (وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله. . .) ولو كانت على النفي لما وجد مؤمن يقتل مؤمن قط لأن ما نفاه الله لا يجوز وجوده أبدا، كقوله سبحانه:
(4) سورة النساء / 93.
رَسُول اللَّهِ إِلاَّ بِإِحْدَى ثَلاَثٍ: الثَّيِّبِ الزَّانِي، وَالنَّفْسِ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكِ لِدِينِهِ الْمُفَارِقِ لِلْجَمَاعَةِ (1) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَتْل الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ زَوَال الدُّنْيَا. (2)
وَالْحَيَاةُ عِنْدَ الْجِنَايَةِ عَلَيْهَا إِمَّا أَنْ تَكُونَ مُسْتَمِرَّةً، أَوْ مُسْتَقِرَّةً، أَوْ حَيَاةَ عَيْشِ الْمَذْبُوحِ. وَالْحَيَاةُ الْمُسْتَمِرَّةُ: هِيَ الَّتِي تَبْقَى إِلَى انْقِضَاءِ الأَْجَل بِمَوْتٍ أَوْ قَتْلٍ.
وَالْحَيَاةُ الْمُسْتَقِرَّةُ: تَكُونُ بِوُجُودِ الرُّوحِ فِي الْجَسَدِ وَمَعَهَا الْحَرَكَةُ الاِخْتِيَارِيَّةُ وَالإِْدْرَاكُ دُونَ الْحَرَكَةِ الاِضْطِرَارِيَّةِ. كَمَ لَوْ طُعِنَ إِنْسَانٌ وَقُطِعَ بِمَوْتِهِ بَعْدَ سَاعَةٍ أَوْ يَوْمٍ أَوْ أَيَّامٍ وَحَرَكَتُهُ الاِخْتِيَارِيَّةُ مَوْجُودَةٌ.
وَحَيَاةُ عَيْشِ الْمَذْبُوحِ: هِيَ الَّتِي لاَ يَبْقَى مَعَهَا إِبْصَارٌ وَلاَ نُطْقٌ وَلاَ حَرَكَةُ اخْتِيَارٍ. (3) وَيَخْتَلِفُ حُكْمُ الْجِنَايَةِ عَلَى الْحَيَاةِ بِاخْتِلاَفِ هَذِهِ الأَْحْوَال.
وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي (قَوَدٌ) (وَجِنَايَةٌ) (وَقِصَاصٌ) .
__________
(1) حديث: " لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله " أخرجه البخاري (الفتح 12 / 201 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1302 - 1304 ط الحلبي) من حديث عبد الله بن مسعود.
(2) حديث: " قتل المؤمن عند الله أعظم من زوال الدنيا. . . " أخرجه النسائي (7 / 82 - ط المكتبة التجارية) من حديث عبد الله بن عمرو.
(3) المنثور 2 / 105، حاشية الجمل 5 / 238، مغني المحتاج 4 / 12 - 13.
الصفحة 269