كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 18)

لاَ يُحْتَاجُ إِلَيْهِ لِبَقَاءِ الأَْصْل، وَالْغَرْسُ لِلأَْشْجَارِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَفِي الْمَنْقُول الاِسْتِغْلاَل وَهُوَ إِيجَارُ الدَّوَابِّ، وَالثِّيَابِ، وَقَبْضُ الأُْجْرَةِ وَنَحْوُ ذَلِكَ. (ج) النَّوْعُ الأَْقْوَى: التَّفْوِيتُ بِالْبَيْعِ، وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ، وَالنُّحْل، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لاَ يَفْعَلُهُ الرَّجُل إِلاَّ فِي مَالِهِ. (1)

أَثَرُ الْحِيَازَةِ:
8 - يَقُول ابْنُ رُشْدٍ: إِنَّ مُجَرَّدَ الْحِيَازَةِ لاَ تَنْقُل الْمِلْكَ عَنِ الْمَحُوزِ عَلَيْهِ إِلَى الْحَائِزِ، وَلَكِنَّهُ يَدُل عَلَى الْمِلْكِ كَإِرْخَاءِ السُّتُورِ، وَمَعْرِفَةِ الْعِفَاصِ وَالْوِكَاءِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الأَْشْيَاءِ. (2) مَعْنَى هَذَا أَنَّ الْحَائِزَ لاَ يَنْتَفِعُ بِالْحِيَازَةِ إِلاَّ إِذَا جَهِل الْوَجْهَ الَّذِي حَازَ بِهِ أَوِ ادَّعَى شِرَاءً، وَأَمَّا إِذَا عَرَفَ وَجْهَ دُخُولِهِ فِي حَوْزِهِ كَكِرَاءٍ، أَوْ عُمْرَى، أَوْ إِسْكَانٍ، أَوْ إِرْفَاقٍ، أَوْ إِجَارَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَإِنَّ طُول الْحَوْزِ لاَ يَنْقُل الْمِلْكَ.

شُرُوطُ الْحِيَازَةِ بَيْنَ الأَْجَانِبِ غَيْرِ الشُّرَكَاءِ:
9 - يَقُول خَلِيلٌ: إِنْ حَازَ أَجْنَبِيٌّ غَيْرُ شَرِيكٍ وَتَصَرَّفَ ثُمَّ ادَّعَى حَاضِرٌ سَاكِتٌ بِلاَ مَانِعٍ عَشْرَ سِنِينَ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ، وَلاَ بَيِّنَتُهُ إِلاَّ بِإِسْكَانٍ وَنَحْوِهِ. (3)
__________
(1) نفس المراجع.
(2) مواهب الجليل 6 / 221.
(3) المواق بهامش الحطاب 6 / 221.
فَالْحَوْزُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يَكُونُ دَالًّا عَلَى مِلْكِ الْحَائِزِ إِذَا تَوَفَّرَ مَا يَلِي:
أَوَّلاً: أَنْ يَتَصَرَّفَ الْحَائِزُ: وَالتَّصَرُّفُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ هُوَ مَا كَانَ كَالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ فِيمَا لاَ ضَرُورَةَ دَاعِيَةٌ إِلَيْهِ. أَمَّا السُّكْنَى وَنَحْوُهَا، فَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهَا وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ حِيَازَةٌ. يَقُول ابْنُ رُشْدٍ: وَأَمَّا حِيَازَةُ الأَْجْنَبِيِّينَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِيمَا لاَ شَرِكَةَ بَيْنَهُمْ فِيهِ، فَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الْحِيَازَةَ تَكُونُ بَيْنَهُمْ فِي الْعَشَرَةِ أَعْوَامٍ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَدْمٌ وَلاَ بُنْيَانٌ، وَفِي كِتَابِ الْجِدَارِ لاِبْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا لاَ تَكُونُ حِيَازَةً إِلاَّ مَعَ الْهَدْمِ وَالْبُنْيَانِ، وَهُوَ قَوْل ابْنِ الْقَاسِمِ فِي رِوَايَةِ حَسَنِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْهُ، وَيَشْهَدُ لِهَذَا الْقَوْل مَا أَخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ بَلاَغًا (أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ تَكَارَى أَرْضًا. فَلَمْ تَزَل فِي يَدَيْهِ بِكِرَاءٍ حَتَّى قَال ابْنُهُ وَهُوَ أَبُو سَلَمَةَ أَوْ حُمَيْدٌ: فَمَا كُنْتُ أَرَاهَا إِلاَّ لَنَا مِنْ طُول مَا مَكَثَتْ فِي يَدَيْهِ حَتَّى ذَكَرَهَا لَنَا عِنْدَ مَوْتِهِ فَأَمَرَ بِقَضَاءِ شَيْءٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ كِرَائِهَا ذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ) . (1)
10 - ثَانِيًا: أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي حَاضِرًا عَالِمًا، فَلَوْ كَانَ الْمُدَّعِي غَائِبًا غَيْبَةً بَعِيدَةً فَهُوَ بَاقٍ عَلَى حَقِّهِ وَيَخْتَلِفُ تَقْدِيرُ الْغَيْبَةِ بَيْنَ الرَّجُل وَالْمَرْأَةِ، وَالْبُعْدِ وَالْقُرْبِ، وَتَقْدِيرُ الْغَيْبَةِ عِنْدَ فُقَهَاءِ الْمَالِكِيَّةِ هُوَ بِالْمَرَاحِل.
__________
(1) البيان والتحصيل 11 / 152، وشرح الزرقاني على الموطأ 3 / 175.

الصفحة 279