كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 18)
الَّذِي هُوَ بِيَدِهِ، إِذَا كَانَ قَدْ حَازَهُ الزَّمَانُ الَّذِي يُعْلَمُ فِي مِثْلِهِ أَنْ قَدْ هَلَكَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْبَيْعِ مَعَ يَمِينِهِ، وَأَمَّا الصَّدَقَةُ وَالْهِبَةُ وَالنُّزُول (أَيِ الإِْسْكَانُ) فَإِنِّي أَرَى أَنْ يَحْلِفَ صَاحِبُ الْمَنْزِل بِاللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ مَا وَهَبَ وَلاَ تَصَدَّقَ وَلاَ أَنْزَل وَلاَ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ إِلاَّ عَلَى وَجْهِ الْتِمَاسِ الرِّفْقِ بِهِ. (1) فَيُرَدُّ إِلَيْهِ بَعْدَ أَنْ يَدْفَعَ قِيمَةَ مَا أَحْدَثَ عَلَيْهِ نَقْضًا إِنْ أَحَبَّ، وَإِنْ أَبَى أَسْلَمَ إِلَيْهِ نَقْضَهُ مَقْلُوعًا، وَوَجْهُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالتَّبَرُّعِ أَنَّ الأَْصْل فِي نَقْل الأَْمْلاَكِ هُوَ الْبَيْعُ، وَأَمَّا التَّبَرُّعُ فَنَادِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَيْعِ فَضَعُفَتْ دَعْوَى مُدَّعِيهِ.
وَإِذَا أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنَ الْحَائِزِ وَصَادَقَهُ الْحَائِزُ عَلَى ذَلِكَ إِلاَّ أَنَّهُ ادَّعَى الإِْقَالَةَ بَعْدَ الْبَيْعِ فَيُصَدَّقُ الْحَائِزُ بِيَمِينِهِ، قَال ابْنُ عَاصِمٍ:
وَإِنْ يَكُنْ مُدَّعِيًا إِقَالَةً
فَمَعَ يَمِينِهِ لَهُ الْمَقَالَةُ
الْحِيَازَةُ بَيْنَ الأَْجَانِبِ الشُّرَكَاءِ:
17 - حُكْمُ هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ كَحُكْمِ الْمَرْتَبَةِ السَّابِقَةِ فِي كُل التَّفْصِيلاَتِ، إِلاَّ أَنَّ الْحِيَازَةَ لاَ تَكُونُ مُؤَثِّرَةً إِلاَّ إِذَا كَانَتْ مِنَ النَّوْعِ الثَّانِي، أَعْنِي الْغَرْسَ وَالْقَلْعَ فِي الأَْشْجَارِ، وَالْبِنَاءَ وَالْهَدْمَ فِي الدُّورِ، وَكِرَاءَ الْحَيَوَانِ وَأَخْذَ أُجْرَةِ ذَلِكَ، أَمَّا لَوْ ضَعُفَتِ
__________
(1) البيان والتحصيل 11 / 186، والرهوني 7 / 517.
الْحِيَازَةُ فَكَانَتْ بِالسُّكْنَى أَوِ الزِّرَاعَةِ أَوِ الاِسْتِخْدَامِ، فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يَبْقَى عَلَى حَقِّهِ وَلَوْ مَضَتِ الْمُدَّةُ. (1)
وَرُوِيَ عَنْ مُطَرِّفٍ أَنَّ الشُّرَكَاءَ الأَْجَانِبَ بِمَنْزِلَةِ غَيْرِ الشُّرَكَاءِ، وَوَهَّنَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا الْقَوْل لأَِنَّ إِلْغَاءَ تَأْثِيرِ عَلاَقَةِ الشَّرِكَةِ فِي التَّسَامُحِ بَعِيدٌ، ثُمَّ رَجَّحَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الأَْشْرَاكِ الأَْجْنَبِيِّينَ حُكْمَ الْقَرَابَةِ مِنْ غَيْرِ أَهْل الْمِيرَاثِ الَّذِينَ لَيْسُوا بِأَشْرَاكٍ وَهَذَا الاِخْتِيَارُ يُبَيِّنُهُ الْبَنْدُ التَّالِي.
الْحِيَازَةُ بَيْنَ الأَْقَارِبِ غَيْرِ الشُّرَكَاءِ، وَالأَْقَارِبِ الشُّرَكَاءِ:
18 - الْحِيَازَةُ بَيْنَ الأَْقَارِبِ غَيْرِ الشُّرَكَاءِ، وَالأَْقَارِبِ الشُّرَكَاءِ، حَصَّل ابْنُ رُشْدٍ فِي هَاتَيْنِ الْمَرْتَبَتَيْنِ ثَلاَثَةَ أَقْوَالٍ:
الأَْوَّل: أَنَّ الْحِيَازَةَ بَيْنَهُمْ إِذَا كَانَتْ بِالْهَدْمِ وَالْبُنْيَانِ وَاسْتَمَرَّتْ عَشَرَةَ أَعْوَامٍ، فَهِيَ قَاطِعَةٌ لِحُجَّةِ الْقَائِمِ.
الثَّانِي: أَنَّهَا لاَ تَكُونُ حِيَازَةً بَيْنَهُمْ إِلاَّ فِيمَا جَاوَزَ الأَْرْبَعِينَ سَنَةً.
الثَّالِثُ: التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الأَْقَارِبِ الشُّرَكَاءِ وَغَيْرِ الشُّرَكَاءِ، فَغَيْرُ الشُّرَكَاءِ تَكْفِي مُدَّةُ السَّنَوَاتِ الْعَشْرِ مَعَ الْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ، وَالشُّرَكَاءُ لاَ بُدَّ مِنْ أَرْبَعِينَ سَنَةً.
__________
(1) الدسوقي على شرح الدردير 4 / 235.
الصفحة 286