كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 18)
وَأَكْثَرُ الْحَيْضِ لِلْحَامِل عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يَخْتَلِفُ عَنْ غَيْرِهَا، وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ فِي فَتْرَةِ الْحَيْضِ.
(5) أَنْوَاعُ الطُّهْرِ:
28 - قَسَّمَ الْحَنَفِيَّةُ الطُّهْرَ إِلَى صَحِيحٍ، وَفَاسِدٍ، وَإِلَى تَامٍّ، وَنَاقِصٍ.
فَالطُّهْرُ الصَّحِيحُ: هُوَ النَّقَاءُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَكْثَر لاَ يَشُوبُهُ خِلاَلَهَا دَمٌ مُطْلَقًا لاَ فِي أَوَّلِهِ، وَلاَ فِي وَسَطِهِ، وَلاَ فِي آخِرِهِ، وَيَكُونُ بَيْنَ دَمَيْنِ صَحِيحَيْنِ، وَالطُّهْرُ الْفَاسِدُ مَا خَالَفَ الصَّحِيحَ فِي أَحَدِ أَوْصَافِهِ، بِأَنْ كَانَ أَقَلّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ، أَوْ خَالَطَهُ دَمٌ أَوْ لَمْ يَقَعْ بَيْنَ دَمَيْنِ صَحِيحَيْنِ.
فَإِذَا كَانَ الطُّهْرُ أَقَلّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَإِنَّهُ طُهْرٌ فَاسِدٌ، وَيُجْعَل كَالدَّمِ الْمُتَوَالِي. وَلَوْ كَانَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، لَكِنْ خَالَطَهُ دَمٌ صَارَ طُهْرًا فَاسِدًا، كَمَا لَوْ رَأَتِ الْمُبْتَدَأَةُ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا دَمًا، وَخَمْسَةَ عَشَرَ طُهْرًا، ثُمَّ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ، فَالطُّهْرُ هُنَا صَحِيحٌ ظَاهِرٌ، لأَِنَّهُ اسْتَكْمَل خَمْسَةَ عَشَرَ، لَكِنَّهُ فَاسِدٌ مَعْنًى، لأَِنَّ الْيَوْمَ الْحَادِيَ عَشَرَ تُصَلِّي فِيهِ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الطُّهْرِ. فَقَدْ خَالَطَ هَذَا الطُّهْرَ دَمٌ فِي أَوَّلِهِ فَفَسَدَ.
وَإِذَا كَانَ الطُّهْرُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَلَكِنْ كَانَ بَيْنَ اسْتِحَاضَتَيْنِ، أَوْ بَيْنَ حَيْضَيْنِ وَنِفَاسٍ، أَوْ بَيْنَ نِفَاسٍ وَاسْتِحَاضَةٍ، أَوْ بَيْنَ طَرَفَيْ نِفَاسٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّهُ يَكُونُ طُهْرًا فَاسِدًا.
وَالطُّهْرُ التَّامُّ مَا كَانَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَكْثَر
سَوَاءٌ أَكَانَ صَحِيحًا، أَمْ فَاسِدًا.
وَالطُّهْرُ النَّاقِصُ: مَا نَقَصَ عَنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ الطُّهْرِ الْفَاسِدِ (1) .
مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْحَيْضِ:
(1) الْبُلُوغُ:
29 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْحَيْضَ عَلاَمَةٌ مِنْ عَلاَمَاتِ الْبُلُوغِ الَّتِي يَحْصُل بِهَا التَّكْلِيفُ، فَإِذَا رَأَتِ الْمَرْأَةُ الدَّمَ فِي زَمَنِ الإِْمْكَانِ، أَصْبَحَتْ بَالِغَةً مُكَلَّفَةً يَجِبُ عَلَيْهَا مَا يَجِبُ عَلَى الْبَالِغَاتِ الْمُكَلَّفَاتِ، لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ يَقْبَل اللَّهُ صَلاَةَ حَائِضٍ إِلاَّ بِخِمَارٍ (2) . فَأَوْجَبَ عَلَيْهَا أَنْ تَسْتَتِرَ لِبُلُوغِهَا بِالْحَيْضِ. فَدَل عَلَى أَنَّ التَّكْلِيفَ حَصَل بِهِ. وَقَيَّدَ الْمَالِكِيَّةُ ذَلِكَ بِالْحَيْضِ الَّذِي يَنْزِل بِنَفْسِهِ، أَمَّا إِذَا تَسَبَّبَ فِي جَلْبِهِ، فَلاَ يَكُونُ عَلاَمَةً (3) .
(2) التَّطَهُّرُ:
30 - صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ لاَ
__________
(1) مجموعة رسائل ابن عابدين 1 / 75، 76، دار سعادت 1325هـ.
(2) حديث: " لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار. . . " أخرجه أبو داود (1 / 421 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والترمذي (2 / 215 - ط الحلبي) من حديث عائشة، واللفظ لأبي داود، وحسنه الترمذي.
(3) حاشية ابن عابدين 1 / 193، حاشية الدسوقي3 / 293، حاشية الجمل 1 / 238، وكشاف القناع 1 / 199، المغني 1 / 307 الرياض 1981م، الأشباه والنظائر للسيوطي 223 دار الكتب العلمية 1983م. الأشباه والنظائر لابن نجيم 323 مكتبة الهلال 1980 م.
الصفحة 312