كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 18)

إِلَى أَنَّهُ إِنْ طَرَأَ الْحَيْضُ فِي أَثْنَاءِ الْوَقْتِ سَقَطَتْ تِلْكَ الصَّلاَةُ، وَلَوْ بَعْدَ مَا افْتَتَحَتِ الْفَرْضَ.
أَمَّا لَوْ طَرَأَ وَهِيَ فِي التَّطَوُّعِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهَا قَضَاءُ تِلْكَ الصَّلاَةِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِنْ حَدَثَ الْحَيْضُ فِي وَقْتٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ سَقَطَتِ الصَّلاَتَانِ، وَإِنْ حَدَثَ فِي وَقْتٍ مُخْتَصٍّ بِإِحْدَاهُمَا، سَقَطَتِ الْمُخْتَصَّةُ بِالْوَقْتِ وَقُضِيَتِ الأُْخْرَى. فَمِثْلاً إِنَّ أَوَّل الزَّوَال مُخْتَصٌّ بِالظُّهْرِ إِلَى أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ فِي الْحَضَرِ، وَرَكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ، ثُمَّ تَشْتَرِكُ الصَّلاَتَانِ إِلَى أَنْ تَخْتَصَّ الْعَصْرُ بِأَرْبَعٍ قَبْل الْغُرُوبِ فِي الْحَضَرِ، وَرَكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ. فَلَوْ حَاضَتِ الْمَرْأَةُ فِي وَقْتِ الاِشْتِرَاكِ سَقَطَتِ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ، وَلَوْ حَاضَتْ فِي وَقْتِ الاِخْتِصَاصِ بِالْعَصْرِ وَكَانَتْ لَمْ تُصَل الظُّهْرَ وَلاَ الْعَصْرَ سَقَطَ عَنْهَا قَضَاءُ الْعَصْرِ وَحْدَهَا، وَلَوْ حَاضَتْ فِي وَقْتِ الاِخْتِصَاصِ بِالظُّهْرِ سَقَطَتْ، وَإِنْ تَمَادَى الْحَيْضُ إِلَى وَقْتِ الاِشْتِرَاكِ سَقَطَتِ الْعَصْرُ، فَإِنِ ارْتَفَعَ قَبْلَهُ وَجَبَتْ، وَمِثْل ذَلِكَ فِي الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِنْ طَرَأَ الْحَيْضُ فِي أَوَّل الْوَقْتِ، فَإِنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهَا تِلْكَ الصَّلاَةُ فَقَطْ إِنْ أَدْرَكَتْ قَدْرَ الْفَرْضِ، وَلاَ تَجِبُ مَعَهَا الصَّلاَةُ الَّتِي تَجْمَعُ مَعَهَا بَعْدَهَا، وَيَجِبُ الْفَرْضُ الَّذِي قَبْلَهَا أَيْضًا، إِنْ كَانَتْ تَجْمَعُ مَعَهَا وَأَدْرَكَتْ قَدْرَهُ وَلَمْ تَكُنْ قَدْ صَلَّتْهُ لِتَمَكُّنِهَا مِنْ فِعْل ذَلِكَ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ إِنْ أَدْرَكَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ أَوَّل الْوَقْتِ قَدْرَ تَكْبِيرَةٍ، ثُمَّ طَرَأَ الْحَيْضُ لَزِمَهَا قَضَاءُ تِلْكَ الصَّلاَةِ الَّتِي أَدْرَكَتِ التَّكْبِيرَةَ مِنْ وَقْتِهَا فَقَطْ، لأَِنَّ الصَّلاَةَ تَجِبُ بِدُخُول أَوَّل الْوَقْتِ عَلَى مُكَلَّفٍ، لَمْ يَقُمْ بِهِ مَانِعٌ وُجُوبًا مُسْتَقِرًّا، فَإِذَا قَامَ بِهِ مَانِعٌ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُسْقِطْهَا. فَيَجِبُ قَضَاؤُهَا عِنْدَ زَوَال الْمَانِعِ. وَلاَ تَلْزَمُهَا غَيْرُ الَّتِي دَخَل وَقْتُهَا قَبْل طُرُوءِ الْحَيْضِ، لأَِنَّهَا لَمْ تُدْرِكْ جُزْءًا مِنْ وَقْتِهَا، وَلاَ مِنْ وَقْتِ تَبَعِهَا فَلَمْ تَجِبْ (1) .

(ب) إِدْرَاكُ آخِرِ الْوَقْتِ:
35 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مِقْدَارِ الْوَقْتِ الَّذِي تُدْرِكُ فِيهِ الْحَائِضُ الصَّلاَةَ إِنْ طَهُرَتْ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَ انْقِطَاعِ الدَّمِ لأَِكْثَرِ الْحَيْضِ، وَانْقِطَاعِهِ قَبْل أَكْثَرِ الْحَيْضِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُبْتَدَأَةِ، وَانْقِطَاعِ دَمِ الْمُعْتَادَةِ فِي أَيَّامِ عَادَتِهَا أَوْ بَعْدَهَا، أَوْ قَبْلَهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمُعْتَادَةِ.
فَإِنْ كَانَ انْقِطَاعُ الدَّمِ لأَِكْثَرَ الْحَيْضِ فِي الْمُبْتَدَأَةِ، فَإِنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهَا الصَّلاَةُ لَوْ بَقِيَ مِنَ الْوَقْتِ مِقْدَارُ تَحْرِيمَةٍ، وَإِنْ بَقِيَ مِنَ الْوَقْتِ
__________
(1) شرح فتح القدير 1 / 152 دار إحياء التراث العربي، القوانين الفقهية / 60 دار العلم للملايين 1979م. نهاية المحتاج 1 / 397 مصطفى البابي الحلبي 1967 م. مغني المحتاج 1 / 132 دار إحياء التراث العربي، كشاف القناع 1 / 259 عالم الكتب 1983م.

الصفحة 316