كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 18)

لأَِنَّهُمُ اسْتَحَلُّوا الْحَرَامَ بِالْحِيلَةِ (1) .
وَلَقَدْ حَذَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنِ ارْتِكَابِ الْحِيَل، كَمَا فَعَلَتْهُ بَنُو إِسْرَائِيل فَقَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ تَرْتَكِبُوا مَا ارْتَكَبَتِ الْيَهُودُ فَتَسْتَحِلُّوا مَحَارِمَ اللَّهِ بِأَدْنَى الْحِيَل. (2)
وَمَعْنَى أَدْنَى الْحِيَل، أَيْ أَسْهَلِهَا وَأَقْرَبِهَا، كَمَا فِي الْمُطَلِّقِ ثَلاَثًا، فَمِنَ السَّهْل عَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَ مَالاً لِمَنْ يَنْكِحُ مُطَلَّقَتَهُ لِيُحِلَّهَا لَهُ، بِخِلاَفِ الطَّرِيقِ الشَّرْعِيِّ الَّتِي هِيَ نِكَاحُ الرَّغْبَةِ، فَإِنَّهَا يَصْعُبُ مَعَهَا عَوْدُهَا إِلَيْهِ. وَكَذَلِكَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُقْرِضَ أَلْفًا بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ، فَمِنْ أَدْنَى الْحِيَل أَنْ يُعْطِيَهُ أَلْفًا إِلاَّ دِرْهَمًا بِاسْمِ الْقَرْضِ، وَيَبِيعَهُ خِرْقَةً تُسَاوِي دِرْهَمًا بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَدِرْهَمٍ، فَإِنَّهَا مِنْ أَدْنَى الْحِيَل إِلَى الرِّبَا وَأَسْهَلِهَا، كَمَا فَعَلَتِ الْيَهُودُ فِي الاِعْتِدَاءِ يَوْمَ السَّبْتِ. (3)
5 - قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّمَا الأَْعْمَال بِالنِّيَّاتِ (4) يَدُل عَلَى أَنَّ الأَْعْمَال تَابِعَةٌ لِمَقَاصِدِهَا وَنِيَّاتِهَا، وَأَنَّهُ
__________
(1) إعلام الموقعين 3 / 162 والموافقات 2 / 381 وتفسير ابن كثير 1 / 106.
(2) حديث: " لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا. . . ". أخرجه ابن بطة العكبري في جزء إبطال الحيل (ص 24 - ط أنصار السنة في مصر) وجود إسناده ابن كثير في تفسيره (2 / 257 ط الحلبي) .
(3) إعلام الموقعين 3 / 165 والموافقات 2 / 382.
(4) ديثث: " إنما الأعمال بالنيات " أخرجه البخاري (الفتح 1 / 9 - ط السلفية) . ومسلم (3 / 1515 - ط الحلبي) من حديث عمر بن الخطاب، واللفظ للبخاري.
لَيْسَ لِلْعَبْدِ مِنْ ظَاهِرِ قَوْلِهِ وَعَمَلِهِ إِلاَّ مَا نَوَاهُ وَأَبْطَنَهُ لاَ مَا أَعْلَنَهُ وَأَظْهَرَهُ، فَمَنْ نَوَى الرِّبَا بِعَقْدِ الْبَيْعِ فِي الرِّبَوِيَّاتِ وَأَدَّى إِلَى الرِّبَا كَانَ مُرَابِيًا، وَكُل عَمَلٍ قُصِدَ بِهِ التَّوَصُّل إِلَى تَفْوِيتِ حَقٍّ كَانَ مُحَرَّمًا. (1) وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (مَخَارِجُ) .
__________
(1) فتح الباري 12 / 328.

الصفحة 334