كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 18)
التَّمَلُّكِ، وَلَهُ آثَارٌ أَقْوَى، لأَِنَّ صَاحِبَ حَقِّ التَّمَلُّكِ إِذَا تَحَقَّقَ لَهُ سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ كَالإِْيجَابِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، تَرَقَّى حَقُّهُ إِلَى حَقٍّ ثَابِتٍ، وَلَكِنَّهُ مُجَرَّدٌ عَنِ الْمِلْكِ. وَيُمْكِنُ لِصَاحِبِ الْحَقِّ الثَّابِتِ - بِإِرَادَتِهِ وَحْدَهُ - أَنْ يَتَرَقَّى بِهَذَا الْحَقِّ الثَّابِتِ إِلَى حَقِّ الْمِلْكِ، لأَِنَّهُ أَصْبَحَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ قَبُول الإِْيجَابِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ فَيُصْبِحُ مَالِكًا، أَوْ رَفْضِ الإِْيجَابِ، وَهَذَا الأَْمْرُ لاَ يَتَوَفَّرُ لِصَاحِبِ حَقِّ التَّمَلُّكِ، وَهُوَ أَهَمُّ فَرْقٍ بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَقَّيْنِ. وَهَذَا فِي التَّمَلُّكِ الاِخْتِيَارِيِّ بِإِرَادَةِ الْمَالِكِ وَإِيجَابِهِ، فَالْحَقُّ الْوَسَطُ هُوَ الْحَقُّ الثَّابِتُ فَقَطْ، وَيُسَمَّى الْحَقَّ الْوَاجِبَ.
أَمَّا فِي التَّمَلُّكِ الْجَبْرِيِّ بِغَيْرِ إِرَادَةِ الْمَالِكِ، مِثْل: الْغَنِيمَةِ وَالشُّفْعَةِ. قَال ابْنُ عَابِدِينَ فِي شَأْنِ الْغَنِيمَةِ: (وَالْحَاصِل كَمَا فِي الْفَتْحِ عَنِ الْمَبْسُوطِ: أَنَّ الْحَقَّ يَثْبُتُ عِنْدَنَا بِنَفْسِ الأَْخْذِ، وَيَتَأَكَّدُ بِالإِْحْرَازِ، وَيُمْلَكُ بِالْقِسْمَةِ، وَمَا دَامَ الْحَقُّ ضَعِيفًا لاَ تَجُوزُ الْقِسْمَةُ. قُلْتُ: وَهَذَا كُلُّهُ إِذَا لَمْ يَظْهَرْ عَسْكَرُنَا عَلَى الْبَلَدِ، فَلَوْ ظَهَرُوا عَلَيْهَا، وَصَارَتْ بَلَدَ إِسْلاَمٍ، وَصَارَتِ الْغَنِيمَةُ مُحْرَزَةً بِدَارِنَا، وَيَتَأَكَّدُ الْحَقُّ، فَتَصِحُّ الْقِسْمَةُ) . (1)
وَيَسْتَوِي الْحَقُّ الْمُبَاحُ (أَيْ: حَقُّ التَّمَلُّكِ) وَالْحَقُّ الثَّابِتُ فِيمَا يَلِي:
__________
(1) حاشية رد المحتار لابن عابدين 4 / 141.
1 - أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا حَقٌّ مُجَرَّدٌ عَنِ الْمِلْكِ، وَمَعْنَى مُجَرَّدٌ عَنِ الْمِلْكِ، أَنَّهَا لَيْسَتْ مِلْكًا، وَسُمِّيَتْ فِي الْبَدَائِعِ الْحُقُوقُ الْمُفْرَدَةُ، وَهِيَ لاَ تُمْلَكُ وَلاَ تُضْمَنُ بِالإِْتْلاَفِ، وَلاَ يُسْتَعَاضُ عَنْهَا بِمَالٍ، لأَِنَّهُ مُجَرَّدُ حَقٍّ فَقَطْ. (1)
2 - أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا حَقٌّ ضَعِيفٌ، وَلِذَلِكَ لاَ تَجُوزُ قِسْمَتُهُ أَوِ الصُّلْحُ عَنْهُ.
3 - أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لاَ يُبَاعُ، وَلاَ يُورَثُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.
4 - أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَيْسَ حَقَّ مِلْكٍ، وَلاَ نَوْعَ مِلْكٍ كَالْحَقِّ الْمُؤَكَّدِ.
5 - أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لاَ يُضْمَنُ عِنْدَ الإِْتْلاَفِ.
وَيَفْتَرِقُ الْحَقُّ الْمُبَاحُ - حَقُّ التَّمَلُّكِ - عَنِ الْحَقِّ الثَّابِتِ فِيمَ يَأْتِي:
1 - أَنَّ الْحَقَّ الثَّابِتَ تَعَلَّقَ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ.
أَمَّا الْحَقُّ الْمُبَاحُ فَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ.
2 - أَنَّ الْحَقَّ الثَّابِتَ تَحَقَّقَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ. أَمَّا الْحَقُّ الْمُبَاحُ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ.
3 - أَنَّ الْحَقَّ الثَّابِتَ فِي مَقْدُورِ صَاحِبِهِ وَسُلْطَتِهِ أَنْ يَرْتَقِيَ بِهَذَا الْحَقِّ وَيَجْعَلَهُ حَقًّا مُؤَكَّدًا، أَوْ حَقَّ مِلْكٍ، وَذَلِكَ بِإِرَادَتِهِ وَقَبُولِهِ وَحْدَهُ، أَمَّا الْحَقُّ
__________
(1) ابن عابدين 4 / 518.
الصفحة 43