كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 18)

يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ فَسَادُ عَقْدِ الإِْجَارَةِ. هَذَا، وَإِذَا كَانُوا قَدْ اتَّفَقُوا عَلَى فَسَادِ الْعَقْدِ، فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي النَّتَائِجِ الَّتِي تَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ، فَقَال الْخَصَّافُ: إِنِ اسْتَغَلَّهَا فَعَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْل، لأَِنَّ الْمُتَوَلِّيَ أَبْطَل بِالتَّسْمِيَةِ مَا زَادَ عَلَى الْمُسَمَّى إِلَى تَمَامِ أَجْرِ الْمِثْل، وَهُوَ لاَ يَمْلِكُهُ، فَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْل، كَمَا لَوْ آجَرَ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةِ أَجْرٍ. أَمَّا إِذَا لَمْ يَسْتَغِلَّهَا، كَالدَّارِ يَقْبِضُهَا وَلاَ يَسْكُنُهَا، فَهُوَ يَرَى أَنَّهُ لاَ أَجْرَ عَلَيْهِ، لأَِنَّ أَجْرَ الْمِثْل لاَ يَلْزَمُهُ فِي الإِْجَارَةِ الْفَاسِدَةِ، بَل لاَ بُدَّ مِنَ اسْتِعْمَال الْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ الْمُؤَجَّرَةِ، كَيْ يَجِبَ أَجْرُ الْمِثْل عَلَيْهِ.
وَقَال صَاحِبُ الإِْسْعَافِ وَابْنُ عَابِدِينَ: إِنَّ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْل عَلَى كُل حَالٍ. (1)
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ النَّاظِرَ إِذَا أَكْرَى الْعَيْنَ الْمَوْقُوفَةَ بِأَقَل مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْل ضَمِنَ تَمَامَ أُجْرَةِ الْمِثْل إِنْ كَانَ مَلِيًّا، وَإِلاَّ رَجَعَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، لأَِنَّهُ مُبَاشِرٌ. (2)
وَقَال الْحَنَابِلَةُ بِصِحَّةِ عَقْدِ الإِْجَارَةِ إِذَا آجَرَ النَّاظِرُ الْعَيْنَ الْمَوْقُوفَةَ بِأَقَل مِنْ أَجْرِ الْمِثْل، حَتَّى إِذَا صَاحَبَ هَذِهِ الإِْجَارَةَ غَبْنٌ فَاحِشٌ، فَعَلَى النَّاظِرِ ضَمَانُ النَّقْصِ فِي الأُْجْرَةِ فِيمَا لاَ يُتَغَابَنُ بِهِ
__________
(1) الدر المختار 3 / 401، والإسعاف 69.
(2) حاشية العدوي على الخرشي 7 / 99.
فِي الْعَادَةِ، إِذَا كَانَ النَّاظِرُ غَيْرَ الْمُسْتَحِقِّ فِي الْوَقْفِ، أَمَّا إِذَا كَانَ النَّاظِرُ هُوَ الْمُسْتَحِقَّ الْوَحِيدَ فِي الْوَقْفِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لاَ يَضْمَنُ. (1)

زِيَادَةُ أُجْرَةِ الْمِثْل فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا:
18 - يَرَى فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ إِذَا زَادَتْ أُجْرَةُ مِثْل عَقَارِ الْوَقْفِ الْمُسْتَحْكَرِ زِيَادَةً فَاحِشَةً، فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ بِسَبَبِ الْبِنَاءِ وَالْعِمَارَةِ الَّتِي أَقَامَهَا الْمُسْتَحْكِرُ فِيهَا فَلاَ تَلْزَمُهُ الزِّيَادَةُ، وَإِنْ كَانَتْ زِيَادَةُ أُجْرَةِ الأَْرْضِ مِنْ نَفْسِهَا لِكَثْرَةِ رَغَبَاتِ النَّاسِ فِي الصُّقْعِ (أَيِ الْمَوْقِعِ) تَلْزَمُهُ الزِّيَادَةُ إِتْمَامًا لأَِجْرِ الْمِثْل. فَإِنْ أَبَى اسْتِئْجَارَهَا بِذَلِكَ يُنْظَرُ، فَإِنْ كَانَتِ الأَْرْضُ لَوْ رُفِعَتْ مِنْهَا الْعِمَارَةُ لاَ تُسْتَأْجَرُ بِأَكْثَرَ مِنَ الأُْجْرَةِ الْمُقَرَّرَةِ تُتْرَكُ فِي يَدِ الْمُحْتَكِرِ بِذَلِكَ الأَْجْرِ لِعَدَمِ الضَّرَرِ عَلَى الْجَانِبَيْنِ. وَإِنْ كَانَتْ تُسْتَأْجَرُ بِأَكْثَرَ مِنْهَا وَلَمْ يَرْضَ بِالزِّيَادَةِ يُجْبَرُ عَلَى رَفْعِ بِنَائِهِ. (2) عَلَى مَا يَأْتِي:
وَهَذَا إِنْ كَانَتْ زِيَادَةُ الْمِثْل فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ الإِْجَارَةِ، قَال ابْنُ عَابِدِينَ: لأَِنَّهُ قَدْ عَرَضَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ مَا يُسَوِّغُ الْفَسْخَ وَهُوَ الزِّيَادَةُ الْعَارِضَةُ فِي الأُْجْرَةِ. أَمَّا إِنْ فَرَغَتِ الْمُدَّةُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي الأَْرْضِ غِرَاسٌ أَوْ بِنَاءٌ قَائِمٌ فِعْلاً،
__________
(1) مطالب أولي النهى4 / 340.
(2) حاشية ابن عابدين 3 / 399، وقانون العدل والإنصاف م 337، 338، 339.

الصفحة 61