كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 18)

الْمَرْأَةِ فَهُوَ أَحَدُ أَوْلِيَائِهَا. لَكِنَّ تَرْتِيبَهُ فِي ذَلِكَ بَعْدَ جَمِيعِ الْعَصَبَاتِ وَذَوِي الأَْرْحَامِ، وَهُوَ أَوْلَى مِنَ الْقَاضِي وَالسُّلْطَانِ. وَقَال مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: لاَ وِلاَيَةَ فِي التَّزْوِيجِ لِذَوِي الأَْرْحَامِ وَلاَ لِمَوْلَى الْمُوَالاَةِ وَهُوَ الْحَلِيفُ. وَاخْتَلَفَ النَّقْل عَنْ أَبِي يُوسُفَ فَقِيل: قَوْلُهُ كَقَوْل أَبِي حَنِيفَةَ، وَقِيل: كَقَوْل مُحَمَّدٍ (1) .
وَلَيْسَ لِلْحَلِيفِ عِنْدَ غَيْرِ الْحَنَفِيَّةِ فِي وِلاَيَةِ التَّزْوِيجِ مَدْخَلٌ.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ فِي أَوْلَوِيَّةِ الصَّلاَةِ عَلَى الْمَيِّتِ: إِنَّ الأَْوْلِيَاءَ فِيهَا عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ فِي النِّكَاحِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ لِلْحَلِيفِ وِلاَيَةً فِيهَا عَلَى مَا ذُكِرَ فِي النِّكَاحِ مِنَ التَّرْتِيبِ (2) .
وَقَال الْجُمْهُورُ: لاَ عَقْل بِالْحِلْفِ.
وَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَقَدْ قَالُوا: إِنَّ الرَّجُل وَعَشِيرَتَهُ يَعْقِلُونَ عَنْ مَوْلاَهُ بِالْوَلاَءِ، وَإِذَا عَقَل عَنْهُ لَزِمَهُ الْوَلاَءُ فَلاَ يَنْتَقِل عَنْهُ بَعْدُ إِلاَّ بِرِضَاهُ (3) . وَلُزُومُ الْعَقْل عَنْ مَوْلَى الْمُوَالاَةِ مَنْقُولٌ أَيْضًا عَنْ مُجَاهِدٍ (4) . (وَانْظُرْ: عَاقِلَةٌ) .

ثَانِيًا: التَّحَالُفُ بَيْنَ طَائِفَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ:
14 - يَرِدُ هُنَا الْخِلاَفُ الْمُتَقَدِّمُ فِي مُحَالَفَةِ الْفَرْدِ
__________
(1) فتح القدير على الهداية 3 / 181 - 182 والعناية بهامشه ط دار إحياء التراث العربي.
(2) فتح القدير على الهداية 2 / 82 - 83 والعناية بهامشه ط دار إحياء التراث العربي.
(3) الدر المختار 5 / 79، 412 بهامش حاشية ابن عابدين.
(4) الطبري 8 / 278، والمغني 6 / 381.
لِلْفَرْدِ، غَيْرَ أَنْ لاَ تَوَارُثَ هُنَا وَلاَ تَعَاقُل، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ بِالْحِلْفِ عِنْدَ مَنْ أَجَازَهُ مُجَرَّدُ التَّنَاصُرِ عَلَى الْحَقِّ وَدَفْعِ الظُّلْمِ.
وَيَسْتَدِل الْمُجِيزُونَ لِمِثْل هَذَا التَّحَالُفِ بِمَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ: حَالَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ قُرَيْشٍ وَالأَْنْصَارِ فِي دَارِي مَرَّتَيْنِ.
وَقَالُوا: إِنَّ قَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ حِلْفَ فِي الإِْسْلاَمِ الْمُرَادُ بِهِ مَا كَانَ عَلَى طَرِيقَةِ أَهْل الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ الإِْعَانَةِ بِالْحِلْفِ فِي الْحَقِّ وَالْبَاطِل.
قَال ابْنُ الأَْثِيرِ: " أَصْل الْحِلْفِ الْمُعَاقَدَةُ وَالْمُعَاهَدَةُ عَلَى التَّسَاعُدِ وَالتَّعَاضُدِ وَالاِتِّفَاقِ، فَمَا كَانَ مِنْهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى الْفِتَنِ وَالْقِتَال وَالْغَارَاتِ، فَذَلِكَ الَّذِي وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُ فِي الإِْسْلاَمِ، وَمَا كَانَ مِنْهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى نَصْرِ الْمَظْلُومِ وَصِلَةِ الأَْرْحَامِ، كَحِلْفِ الْمُطَيَّبِينَ وَمَا جَرَى مَجْرَاهُ فَذَلِكَ الَّذِي قَال فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَأَيُّمَا حِلْفٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَزِدْهُ الإِْسْلاَمُ إِلاَّ شِدَّةً يُرِيدُ: مِنَ الْمُعَاقَدَةِ عَلَى الْخَيْرِ وَنُصْرَةِ الْحَقِّ. وَبِذَلِكَ يَجْتَمِعُ الْحَدِيثَانِ. وَهَذَا هُوَ الْحِلْفُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الإِْسْلاَمُ (1) .
وَتَقَدَّمَ النَّقْل عَنِ النَّوَوِيِّ بِمِثْل ذَلِكَ (ف 10) .
وَأَمَّا الَّذِينَ خَالَفُوا فِي جَوَازِ ذَلِكَ وَهُمُ الأَْكْثَرُونَ فَقَدِ احْتَجُّوا بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ لاَ حِلْفَ
__________
(1) النهاية لابن الأثير - حلف، ولسان العرب - حلف.

الصفحة 93