كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 18)
وَلاَ يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لِكَلِمَةِ النَّتْفِ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
وَالْوَجْهُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ الْحَلْقِ وَالنَّتْفِ: أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إِزَالَةٌ لِلشَّعْرِ إِلاَّ أَنَّ الْحَلْقَ بِالْمُوسَى وَنَحْوِهِ، وَالنَّتْفَ بِنَزْعِهِ مِنْ جُذُورِهِ.
أَحْكَامُ الْحَلْقِ بِالْمَعْنَى الأَْوَّل (حَلْقِ الشَّعْرِ) : حَلْقُ الرَّأْسِ:
4 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حَلْقِ الرَّأْسِ:
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ السُّنَّةَ فِي شَعْرِ الرَّأْسِ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُل إِمَّا الْفَرْقُ أَوِ الْحَلْقُ، وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ الْحَلْقَ سُنَّةٌ (1) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ كَمَا جَاءَ فِي الْفَوَاكِهِ الدَّوَانِي إِلَى أَنَّ حَلْقَ شَعْرِ الرَّأْسِ بِدْعَةٌ غَيْرُ مُحَرَّمَةٍ، لأَِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَحْلِقْ رَأْسَهُ إِلاَّ فِي التَّحَلُّل مِنَ الْحَجِّ، قَال الْقُرْطُبِيُّ: كَرِهَ مَالِكٌ حَلْقَ الرَّأْسِ لِغَيْرِ الْمُتَحَلِّل مِنَ الإِْحْرَامِ، وَقَال الأَُجْهُورِيُّ: إِنَّ الْقَوْل بِجَوَازِ حَلْقِهِ وَلَوْ لِغَيْرِ الْمُتَعَمِّمِ أَوْلَى بِالاِتِّبَاعِ فَهُوَ مِنَ الْبِدَعِ الْحَسَنَةِ حَيْثُ لَمْ يَفْعَلْهُ لِهَوَى نَفْسِهِ وَإِلاَّ كُرِهَ أَوْ حَرُمَ (2) .
وَصَرَّحَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ بِأَنَّ الشَّعْرَ عَلَى الرَّأْسِ زِينَةٌ، وَحَلْقُهُ بِدْعَةٌ، وَيَجُوزُ أَنْ يُتَّخَذَ جُمَّةً وَهِيَ مَا أَحَاطَ بِمَنَابِتِ الشَّعْرِ، وَوَفْرَةً وَهُوَ
__________
(1) ابن عابدين 5 / 261 ط دار إحياء التراث العربي.
(2) الفواكه الدواني 2 / 401.
مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ إِلَى شَحْمَةِ الأُْذُنَيْنِ، وَأَنْ يَكُونَ أَطْوَل مِنْ ذَلِكَ (1) .
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِحَلْقِ جَمِيعِ الرَّأْسِ لِمَنْ أَرَادَ التَّنْظِيفَ (2) .
وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ فِي حَلْقِ الرَّأْسِ: فَعَنْهُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ، لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال فِي الْخَوَارِجِ: سِيمَاهُمُ التَّحْلِيقُ (3) فَجَعَلَهُ عَلاَمَةً لَهُمْ.
وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لاَ يُكْرَهُ ذَلِكَ، لَكِنْ تَرْكُهُ أَفْضَل، قَال حَنْبَلٌ: كُنْتُ أَنَا وَأَبِي نَحْلِقُ رُءُوسَنَا فِي حَيَاةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، فَيَرَانَا وَنَحْنُ نَحْلِقُ فَلاَ يَنْهَانَا (4) .
وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ الْقَزَعُ، وَهُوَ أَنْ يَحْلِقَ بَعْضَ الرَّأْسِ دُونَ بَعْضٍ. وَقِيل: أَنْ يَحْلِقَ مَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةً مِنْهُ (5) .
لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى غُلاَمًا قَدْ حَلَقَ بَعْضَ رَأْسِهِ،
__________
(1) القوانين الفقهية / 435 ط دار الكتاب العربي.
(2) أسنى المطالب 1 / 551 ط المكتبة الإسلامية.
(3) حديث: " سيماهم التحليق " يعني الخوارج. أخرجه البخاري (الفتح 13 / 535 - 536 - ط السلفية) من حديث أبي سعيد الخدري.
(4) المغني 1 / 89، 90 ط الرياض، ونيل الأوطار 1 / 153، 154، 155، ط دار الجيل.
(5) ابن عابدين 5 / 261، والقوانين الفقهية / 435، والجمل 5 / 267 ط دار إحياء التراث العربي، وأسنى المطالب 1 / 551، والمغني 1 / 89، 90.
الصفحة 95