كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 19)
تَغْرُبْ، وَكَذَا لَوْ جَامَعَ ظَانًّا بَقَاءَ اللَّيْل فَبَانَ خِلاَفُ ظَنِّهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَلاَ كَفَّارَةَ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يُفْطِرْ مُتَعَمِّدًا بَل مُخْطِئًا، وَوَجَّهُوا قَوْلَهُمْ بِأَنَّ الْقَضَاءَ يَثْبُتُ بِمُطْلَقِ الإِْفْسَادِ سَوَاءٌ كَانَ صُورَةً وَمَعْنًى، أَوْ صُورَةً لاَ مَعْنًى، أَوْ مَعْنًى لاَ صُورَةً، وَسَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، وَسَوَاءٌ كَانَ بِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ؛ لأَِنَّ الْقَضَاءَ يَجِبُ جَبْرًا لِلْفَائِتِ فَيَسْتَدْعِي فَوَاتَ الصَّوْمِ لاَ غَيْرُ، وَالْفَوَاتُ يَحْصُل بِمُطْلَقِ الإِْفْسَادِ فَتَقَعُ الْحَاجَةُ إِلَى الْجَبْرِ بِالْقَضَاءِ لِيَقُومَ مَقَامَ الْفَائِتِ فَيَنْجَبِرُ مَعْنًى، وَأَمَّا الْكَفَّارَةُ فَيَتَعَلَّقُ وُجُوبُهَا بِإِفْسَادٍ مَخْصُوصٍ وَهُوَ الإِْفْطَارُ الْكَامِل بِوُجُودِ الأَْكْل أَوِ الشُّرْبِ أَوِ الْجِمَاعِ صُورَةً وَمَعْنًى مُتَعَمِّدًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ مُبِيحٍ وَلاَ مُرَخِّصٍ وَلاَ شُبْهَةِ الإِْبَاحَةِ (1) .
أَمَّا الْجِمَاعُ بِلاَ عُذْرٍ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَقَدْ قَال الْحَنَابِلَةُ: عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ عَامِدًا كَانَ أَوْ سَاهِيًا أَوْ جَاهِلاً أَوْ مُخْطِئًا، مُخْتَارًا أَوْ مُكْرَهًا، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال يَا رَسُول اللَّهِ هَلَكْتُ: قَال مَا لَكَ: قَال: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ (2) .
__________
(1) بدائع الصنائع 2 / 1024، 1030، والشرح الصغير 1 / 703، 706، 707، المنتقى 2 / 63، 65 والمنثور في القواعد 2 / 122 والمجموع 6 / 328، والقواعد والفوائد الأصولية ص 85، كشاف القناع 2 / 323، 324
(2) حديث أبي هريرة: " أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال. . . . " أخرجه البخاري (الفتح 4 / 163 - ط السلفية) ومسلم (2 / 781 - ط الحلبي) .
قَال الْبَعْلِيُّ: وَحَكَى صَاحِبُ الرِّعَايَةِ رِوَايَةً: لاَ قَضَاءَ عَلَى مَنْ جَامَعَ يَعْتَقِدُهُ لَيْلاً فَبَانَ نَهَارًا وَاخْتَارَهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ (1) .
هـ - الْحَجُّ:
أَوَّلاً - الْخَطَأُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ:
42 - إِذَا أَخْطَأَ النَّاسُ فَوَقَفُوا فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ أَجْزَأَ وَتَمَّ حَجُّهُمْ وَلاَ قَضَاءَ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَقَالُوا: إِنَّ وُقُوفَهُمْ صَحِيحٌ وَحَجَّتَهُمْ تَامَّةٌ اسْتِحْسَانًا، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ. وَوَجْهُ الْقِيَاسِ أَنَّهُمْ وَقَفُوا فِي غَيْرِ وَقْتِ الْوُقُوفِ فَلاَ يَجُوزُ، كَمَا لَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُمْ وَقَفُوا يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ (2) .
وَمَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ إِذَا أَخْطَأَ فِي رُؤْيَةِ الْهِلاَل جَمَاعَةُ الْمَوْقِفِ لاَ أَكْثَرُهُمْ فَوَقَفُوا بِعَاشِرٍ ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّهُ الْيَوْمُ التَّاسِعُ وَأَنَّ اللَّيْلَةَ عَقِبَهُ لَيْلَةُ الْعَاشِرِ بِأَنْ غُمَّ عَلَيْهِمْ لَيْلَةُ الثَّلاَثِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ فَأَكْمَلُوا الْعِدَّةَ فَإِذَا هُوَ الْعَاشِرُ، وَاللَّيْلَةُ عَقِبَهُ لَيْلَةُ الْحَادِيَ عَشَرَ فَيُجْزِئُهُمْ، وَعَلَيْهِمْ دَمٌ، وَاحْتُرِزَ عَنْ خَطَأِ بَعْضِهِمْ وَلَوْ أَكْثَرَهُمْ فَوَقَفَ الْعَاشِرَ ظَنًّا أَنَّهُ التَّاسِعُ مُخَالِفًا لِظَنِّ غَيْرِهِ فَلاَ يُجْزِئُهُ. وَنَقَل اللَّخْمِيُّ عَنِ
__________
(1) كشاف القناع 2 / 323، 324، والقواعد والفوائد الأصولية للبعلى ص 86
(2) البدائع 3 / 1099
الصفحة 153