كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 19)
خَامِسًا - فِي خَرْقِ السَّفِينَةِ خَطَأً:
65 - قَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ خَرَقَ شَخْصٌ سَفِينَتَهُ عَامِدًا خَرْقًا يُهْلِكُ غَالِبًا، فَالْقِصَاصُ أَوِ الدِّيَةُ عَلَى الْخَارِقِ، وَخَرْقُهَا لِلإِْصْلاَحِ شِبْهُ عَمْدٍ، فَإِنْ أَصَابَ غَيْرَ مَوْضِعِ الإِْصْلاَحِ فَخَرَقَهُ فَخَطَأٌ مَحْضٌ (1) .
وَذَكَرَ ابْنُ قُدَامَةَ أَنَّهُ إِذَا خَرَقَ السَّفِينَةَ خَطَأً فَعَلَيْهِ ضَمَانُ مَا تَلِفَ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ.
وَإِذَا قَامَ لِيُصْلِحَ مَوْضِعًا فَقَلَعَ لَوْحًا، أَوْ يُصْلِحَ مِسْمَارًا فَثَقَبَ مَوْضِعًا، فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي اعْتِبَارِ هَذِهِ الصُّورَةِ مِنْ قَبِيل عَمْدِ الْخَطَأِ، أَوْ مِنْ قَبِيل الْخَطَأِ الْمَحْضِ؟
ذَهَبَ إِلَى الأَْوَّل الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى، وَالثَّانِي هُوَ الصَّحِيحُ، لأَِنَّهُ قَصَدَ فِعْلاً مُبَاحًا فَأَفْضَى إِلَى التَّلَفِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ رَمَى صَيْدًا فَأَصَابَ آدَمِيًّا، لَكِنْ إِنْ قَصَدَ قَلْعَ اللَّوْحِ مِنْ مَوْضِعٍ يَغْلِبُ أَنَّهُ لاَ يُتْلِفُهَا فَأَتْلَفَهَا فَهُوَ عَمْدُ الْخَطَأِ وَفِيهِ مَا فِيهِ (2) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ فِي ضَمَانِ الْمَلاَّحِ: لَوْ دَخَلَهَا الْمَاءُ فَأَفْسَدَ الْمَتَاعَ فَلَوْ بِفِعْلِهِ وَحْدَهُ يَضْمَنُ بِالاِتِّفَاقِ، وَلَوْ بِلاَ فِعْلِهِ إِنْ لَمْ يُمْكِنَ التَّحَرُّزُ عَنْهُ لاَ يَضْمَنُ إِجْمَاعًا، وَإِنْ كَانَ بِسَبَبٍ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ
__________
(1) حاشية الشرقاوى على التحرير 2 / 379، حاشية القليوبي على المنهاج 4 / 152
(2) المغني 9 / 177
لاَ يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ.
وَهَذَا كُلُّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ رَبُّ الْمَتَاعِ أَوْ وَكِيلُهُ فِي السَّفِينَةِ، فَلَوْ كَانَ لاَ يَضْمَنُ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ إِذَا لَمْ يُخَالِفْ بِأَنْ لَمْ يُجَاوِزَ الْمُعْتَادَ؛ لأَِنَّ مَحَل الْعَمَل غَيْرُ مُسَلَّمٍ إِلَيْهِ (1) .
- الْخَطَأُ فِي الأَْيْمَانِ:
أَوَّلاً: الْخَطَأُ فِي حَلِفِ الْيَمِينِ:
66 - مَعْنَى الْخَطَأِ فِي الْيَمِينِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ سَبْقُ اللِّسَانِ إِلَى غَيْرِ مَا قَصَدَهُ الْحَالِفُ وَأَرَادَهُ بِأَنْ أَرَادَ شَيْئًا فَسَبَقَ لِسَانُهُ إِلَى غَيْرِهِ، كَمَا إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُول: اسْقِنِي الْمَاءَ فَقَال: وَاللَّهِ لاَ أَشْرَبُ الْمَاءَ.
وَأَوْجَبُوا فِيهِ الْكَفَّارَةَ إِنْ حَنِثَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} (2) وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ثَلاَثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: النِّكَاحُ، وَالطَّلاَقُ، وَالْيَمِينُ (3)
وَقَالُوا: إِنَّ الْكَفَّارَةَ تَرْفَعُ الإِْثْمَ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ مِنْهُ التَّوْبَةُ. وَخَالَفَ الْكَمَال بْنُ الْهُمَامِ فِي انْعِقَادِ يَمِينِ الْمُخْطِئِ وَقَال: وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ حَدِيثُ
__________
(1) مجمع الضمانات 48، 49
(2) سورة المائدة / 89
(3) حديث: " ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد، النكاح والطلاق واليمين " قال الزيلعي في نصب الراية (3 / 293 - ط المجلس العلمي بالهند) : " غريب " يعني أنه ليس له أصل بهذا اللفظ ثم قال: " وانما الحديث: النكاح والطلاق والرجعة " وهذا أخرجه الترمذي (3 / 481 ط الحلبي) من حديث أبي هريرة وحسنه.
الصفحة 166