كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 19)
الثَّانِيَةُ - إِذَا قَال شُهُودُ الأَْصْل أَشْهَدْنَا شُهُودَ الْفَرْعِ وَغَلِطْنَا، قَال مُحَمَّدٌ بِالضَّمَانِ، وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ بِعَدَمِهِ. (1)
الثَّالِثَةُ - الشَّهَادَةُ عَلَى الْخَطِّ: قَال بَعْضُهُمْ: لاَ تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْخَطِّ فِي شَيْءٍ مِنَ الأَْشْيَاءِ؛ لأَِنَّهُ قَدْ يَحْصُل غَلَطٌ لِلْعَقْل بِذَلِكَ وَعَزَاهُ الْبَاجِيُّ لِلْمَشْهُورِ. وَقِيل: إِنَّ الْغَلَطَ نَادِرٌ. (2)
الرَّابِعَةُ - قَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنِ اتَّهَمَ الْقَاضِي الشَّاهِدَيْنِ بِالْغَلَطِ فَلاَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا لِئَلاَّ يُرْعَبَ الشَّاهِدُ وَيَخْتَلِطَ عَقْلُهُ. (3) وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يُفَرَّقُ إِنِ ارْتَابَ فِي الشُّهُودِ. (4)
الْخَامِسَةُ - لاَ تُقْبَل شَهَادَةُ شَخْصٍ مَعْرُوفٍ بِكَثْرَةِ غَلَطٍ وَنِسْيَانٍ؛ لأَِنَّ الثِّقَةَ لاَ تَحْصُل بِقَوْلِهِ لاِحْتِمَال أَنْ تَكُونَ شَهَادَتُهُ مِمَّا غَلِطَ فِيهَا وَسَهَا. (5)
السَّادِسَةُ - قَال الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ: لاَ يَكْفِي فِي التَّعْدِيل قَوْل الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ عَدْلٌ وَقَدْ غَلِطَ فِي شَهَادَتِهِ عَلَيَّ، وَمُقَابِل الأَْصَحِّ الاِكْتِفَاءُ بِذَلِكَ فِي الْحُكْمِ عَلَيْهِ لاَ فِي التَّعْدِيل، وَقَوْلُهُ غَلِطَ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَإِنَّمَا هُوَ بَيَانٌ؛ لأَِنَّ إِنْكَارَهُ
__________
(1) شرح فتح القدير 7 / 495، درر الحكام 2 / 394
(2) البهجة شرح التحفة 1 / 105
(3) البهجة شرح التحفة 1 / 98
(4) حاشية الشرقاوي على التحرير 2 / 496
(5) كشاف القناع 6 / 418
مَعَ اعْتِرَافِهِ بِعَدَالَتِهِ مُسْتَلْزِمٌ لِنِسْبَتِهِ لِلْغَلَطِ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ. (1)
ثَالِثًا - الشُّهُودُ إِذَا رَجَعُوا عَنِ الشَّهَادَةِ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَالُوا أَخْطَأْنَا هَل يُعَزَّرُونَ؟
قَال الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: (2) لاَ يُعَزَّرُونَ، لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَال: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} (3) هَذَا إِنْ كَانَ قَوْلُهُمْ يَحْتَمِل الصِّدْقَ فِي الْخَطَأِ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْهُ عُزِّرُوا وَلَمْ يُقْبَل قَوْلُهُمْ.
قَال الْعَدَوِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى شَرْحِ الْخَرَشِيِّ: وَإِنْ أَشْكَل فَقَوْلاَنِ، وَقَال الرَّمْلِيُّ: وَإِنِ ادَّعَوْا الْغَلَطَ أَيْ فِي اسْتِحْقَاقِهِمُ التَّعْزِيرَ.
وَنَقَل ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ الْفَتْحِ قَوْلَهُ: يُعَزَّرُ الشُّهُودُ سَوَاءٌ رَجَعُوا قَبْل الْقَضَاءِ أَوْ بَعْدَهُ. قَال: وَلاَ يَخْلُو عَنْ نَظَرٍ: لأَِنَّ الرُّجُوعَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ تَوْبَةٌ عَنْ تَعَمُّدِ الزُّورِ إِنْ تَعَمَّدَهُ، أَوِ السَّهْوِ وَالْعَجَلَةِ إِنْ كَانَ أَخْطَأَ فِيهِ، وَلاَ تَعْزِيرَ عَلَى التَّوْبَةِ وَلاَ عَلَى ذَنْبٍ ارْتَفَعَ بِهَا وَلَيْسَ فِيهِ حَدٌّ مُقَدَّرٌ. (4)
__________
(1) درر الحكام 2 / 373، نهاية المحتاج 8 / 254
(2) شرح الخرشي 7 / 221، والمهذب 2 / 329، نهاية المحتاج 8 / 310، وكشاف القناع 6 / 418، وحاشية رد المحتار 5 / 504
(3) سورة الأحزاب / 5
(4) حاشية رد المحتار 5 / 504، شرح فتح القدير 7 / 478، 479
الصفحة 172