كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 19)
(3) حُضُورُ جَمَاعَةٍ تَنْعَقِدُ بِهِمْ (1) .
وَاخْتَلَفُوا فِي الْعَدَدِ الَّذِي تَصِحُّ بِهِمْ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَكْفِي حُضُورُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِهَا سِوَى الإِْمَامِ - عَلَى الصَّحِيحِ (2) -
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَيَرَوْنَ وُجُوبَ حُضُورِ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْ أَهْلِهَا الْخُطْبَتَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَحْضُرُوهُمَا مِنْ أَوَّلِهِمَا لَمْ يُكْتَفَ بِذَلِكَ؛ لأَِنَّهُمَا مُنَزَّلَتَانِ مَنْزِلَةَ رَكْعَتَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ. (3)
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى وُجُوبِ حُضُورِ أَرْبَعِينَ مِنْ أَهْل وُجُوبِهَا.
فَلَوْ حَضَرَ الْعَدَدُ، ثُمَّ انْفَضُّوا كُلُّهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ، وَبَقِيَ مَا دُونَ الأَْرْبَعِينَ، فَإِنِ انْفَضُّوا قَبْل افْتِتَاحِ الْخُطْبَةِ لَمْ يُبْتَدَأْ بِهَا حَتَّى يَجْتَمِعَ أَرْبَعُونَ، وَإِنْ كَانَ فِي أَثْنَائِهَا فَإِنَّ الرُّكْنَ الْمَأْتِيَّ بِهِ فِي غَيْبَتِهِمْ غَيْرُ مَحْسُوبٍ، فَإِنْ عَادُوا قَبْل طُول الْفَصْل بَنَى عَلَى خُطْبَتِهِ، وَبَعْدَ طُولِهِ يَسْتَأْنِفُهَا لِفَوَاتِ شَرْطِهَا وَهُوَ الْمُوَالاَةُ. (4) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفِي الْمَذَاهِبِ أَقْوَالٌ أُخْرَى يُنْظَرُ فِي الْمُطَوَّلاَتِ.
(4) رَفْعُ الصَّوْتِ بِهَا، بِحَيْثُ يَسْمَعُ الْعَدَدُ
__________
(1) المراجع السابقة.
(2) ابن عابدين 1 / 543، الطحطاوي على مراقي الفلاح 277
(3) الدسوقي 1 / 378، الشرح الصغير 1 / 499
(4) الروضة - المكتب الإسلامي 2 / 7، كشاف القناع 2 / 33
الْمُعْتَبَرُ، إِنْ لَمْ يَعْرِضْ مَانِعٌ (1) .
وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الإِْنْصَاتِ عَلَى الْمُصَلِّينَ، فَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ وَاجِبٌ، وَأَنَّهُ يَحْرُمُ الْكَلاَمُ إِلاَّ لِلْخَطِيبِ أَوْ لِمَنْ يُكَلِّمُهُ الْخَطِيبُ، وَكَذَا لِتَحْذِيرِ إِنْسَانٍ مِنْ مَهْلَكَةٍ. (2) وَدَلِيلُهُمْ قَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} ، (3) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ: أَنْصِتْ وَالإِْمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ. (4)
وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ فِي الْقَدِيمِ مُتَّفِقٌ مَعَ مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ، أَمَّا فِي الْجَدِيدِ فَإِنَّهُ لاَ يَجِبُ الإِْنْصَاتُ وَلاَ يَحْرُمُ الْكَلاَمُ، لِمَا صَحَّ أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَال لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَخْطُبُ: يَا رَسُول اللَّهِ هَلَكَ الْمَال وَجَاعَ الْعِيَال. . . (5)
__________
(1) مراقي الفلاح ص 278، وابن عابدين 1 / 543، والدسوقي 1 / 378، والشرح الصغير 1 / 499 ونهاية المحتاج 2 / 304 وأسنى المطالب 1 / 257، وكشاف القناع 2 / 32، ونيل المآرب 1 / 56
(2) بدائع الصنائع 1 / 263، ابن عابدين 2 / 366، الدسوقي 1 / 387، الشرح الصغير 1 / 509، كشاف القناع 2 / 47
(3) سورة الأعراف / 204
(4) حديث: " إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة. . . . " أخرجه البخاري (الفتح 2 / 414 - ط السلفية) ومسلم (2 / 583 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.
(5) حديث: " أن أعرابيا قال للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله، هلك. . . . " أخرجه البخاري (الفتح 2 / 413 - ط السلفية) من حديث أنس.
الصفحة 179