كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 19)

إِحْدَى ابْنَتَيْهِ عَلَى مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الْمُشَارِ إِلَيْهِ فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ} ، (1) وَكَمَا فَعَل عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَيْثُ عَرَضَ ابْنَتَهُ حَفْصَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا عَلَى عُثْمَانَ، ثُمَّ عَلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا (2) .

إِخْفَاءُ الْخِطْبَةِ:
17 - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُنْدَبُ إِخْفَاءُ الْخِطْبَةِ خِلاَفًا لِعَقْدِ النِّكَاحِ فَيُنْدَبُ - عِنْدَهُمْ وَعِنْدَ بَقِيَّةِ الْفُقَهَاءِ - إِعْلاَنُهُ لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَعْلِنُوا هَذَا النِّكَاحَ. (3)

ثَانِيًا: الْخِطْبَةُ عَلَى الْخِطْبَةِ:
18 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْخِطْبَةَ عَلَى الْخِطْبَةِ حَرَامٌ إِذَا حَصَل الرُّكُونُ إِلَى الْخَاطِبِ الأَْوَّل، لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: لاَ يَخْطُبِ الرَّجُل عَلَى خِطْبَةِ الرَّجُل حَتَّى يَتْرُكَ الْخَاطِبُ قَبْلَهُ أَوْ
__________
(1) سورة القصص / 27
(2) أسنى المطالب 3 / 118، كشاف القناع 5 / 20، رد المحتار 2 / 261، جواهر الإكليل 1 / 275، قليوبي 3 / 295، المغني 6 / 537
(3) حديث: " أعلنوا هذا النكاح ". أخرجه ابن حبان (الموارد - ص 313 - ط السلفية) من حديث عبد الله بن الزبير وإسناده صحيح.
يَأْذَنَ لَهُ الْخَاطِبُ. (1) وَلأَِنَّ فِيهَا إِيذَاءً وَجَفَاءً وَخِيَانَةً وَإِفْسَادًا عَلَى الْخَاطِبِ الأَْوَّل، وَإِيقَاعًا لِلْعَدَاوَةِ بَيْنَ النَّاسِ.
وَحَكَى النَّوَوِيُّ الإِْجْمَاعَ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ فِي الْحَدِيثِ لِلتَّحْرِيمِ (2) .

مَتَى تَحْرُمُ الْخِطْبَةُ عَلَى الْخِطْبَةِ؟
19 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِلتَّحْرِيمِ أَنْ يَكُونَ الْخَاطِبُ الأَْوَّل قَدْ أُجِيبَ وَلَمْ يَتْرُكْ وَلَمْ يَعْرِضْ وَلَمْ يَأْذَنْ لِلْخَاطِبِ الثَّانِي، وَعَلِمَ الْخَاطِبُ الثَّانِي بِخِطْبَةِ الأَْوَّل وَإِجَابَتِهِ.
وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ فِي شُرُوطِ التَّحْرِيمِ، أَنْ تَكُونَ إِجَابَةُ الْخَاطِبِ الأَْوَّل صَرَاحَةً، وَخُطْبَتُهُ جَائِزَةٌ أَيْ غَيْرُ مُحَرَّمَةٍ، وَأَنْ يَكُونَ الْخَاطِبُ الثَّانِي عَالِمًا بِحُرْمَةِ الْخِطْبَةِ عَلَى الْخِطْبَةِ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنَّ إِجَابَةَ الْخَاطِبِ الأَْوَّل تَعْرِيضًا تَكْفِي لِتَحْرِيمِ الْخِطْبَةِ عَلَى خِطْبَتِهِ وَلاَ يُشْتَرَطُ التَّصْرِيحُ بِالإِْجَابَةِ. وَهَذَا ظَاهِرُ كَلاَمِ الْخِرَقِيِّ وَكَلاَمِ أَحْمَدَ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يُشْتَرَطُ لِتَحْرِيمِ الْخِطْبَةِ عَلَى
__________
(1) حديث: " لا يخطب الرجل على خطبة الرجل ". أخرجه البخاري (الفتح 9 / 198 - ط السلفية) من حديث عبد الله بن عمر.
(2) نيل الأوطار 6 / 121 - 122، فتح القدير 5 / 239، جواهر الإكليل 1 / 275، روضة الطالبين 7 / 31، المغني 6 / 607، رد المحتار 2 / 262.

الصفحة 195