كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 19)

مَا يُنْظَرُ مِنَ الْمَخْطُوبَةِ:
29 - اتَّفَقَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ مَا يُبَاحُ لِلْخَاطِبِ نَظَرُهُ مِنْ مَخْطُوبَتِهِ الْحُرَّةِ هُوَ الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ ظَاهِرُهُمَا وَبَاطِنُهُمَا إِلَى كُوعَيْهِمَا لِدَلاَلَةِ الْوَجْهِ عَلَى الْجَمَال، وَدَلاَلَةِ الْكَفَّيْنِ عَلَى خِصْبِ الْبَدَنِ، وَهُنَاكَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْقَدَمَيْنِ لَيْسَتَا بِعَوْرَةٍ حَتَّى فِي غَيْرِ الْخِطْبَةِ.
وَاخْتَلَفَ الْحَنَابِلَةُ فِيمَا يَنْظُرُ الْخَاطِبُ مِنَ الْمَخْطُوبَةِ، فَفِي " مَطَالِبِ أُولِي النُّهَى " " وَكَشَّافِ الْقِنَاعِ " أَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَى مَا يَظْهَرُ مِنْهَا غَالِبًا كَوَجْهٍ وَيَدٍ وَرَقَبَةٍ وَقَدَمٍ، لأَِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَذِنَ فِي النَّظَرِ إِلَيْهَا مِنْ غَيْرِ عِلْمِهَا، عُلِمَ أَنَّهُ أَذِنَ فِي النَّظَرِ إِلَى جَمِيعِ مَا يَظْهَرُ غَالِبًا، إِذْ لاَ يُمْكِنُ إِفْرَادُ الْوَجْهِ بِالنَّظَرِ مَعَ مُشَارَكَةِ غَيْرِهِ فِي الظُّهُورِ؛ وَلأَِنَّهُ يَظْهَرُ غَالِبًا فَأَشْبَهَ الْوَجْهَ.
وَفِي الْمُغْنِي: لاَ خِلاَفَ بَيْنَ أَهْل الْعِلْمِ فِي إِبَاحَةِ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِهَا، وَذَلِكَ لأَِنَّهُ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ، وَهُوَ مَجْمَعُ الْمَحَاسِنِ وَمَوْضِعُ النَّظَرِ، وَلاَ يُبَاحُ النَّظَرُ إِلَى مَا لاَ يَظْهَرُ عَادَةً.
أَمَّا مَا يَظْهَرُ غَالِبًا سِوَى الْوَجْهِ، كَالْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا تُظْهِرُهُ الْمَرْأَةُ فِي مَنْزِلِهَا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ لِلْحَنَابِلَةِ.
إِحْدَاهُمَا: لاَ يُبَاحُ النَّظَرُ إِلَيْهِ لأَِنَّهُ عَوْرَةٌ، فَلَمْ يُبَحِ النَّظَرُ إِلَيْهِ كَالَّذِي لاَ يَظْهَرُ، فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ رَوَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: الْمَرْأَةُ
عَوْرَةٌ، (1) وَلأَِنَّ الْحَاجَةَ تَنْدَفِعُ بِالنَّظَرِ إِلَى الْوَجْهِ فَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى التَّحْرِيمِ.
وَالثَّانِيَةُ: وَهِيَ الْمَذْهَبُ، لِلْخَاطِبِ النَّظَرُ إِلَى ذَلِكَ، قَال أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: لاَ بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا مِنْ يَدٍ أَوْ جِسْمٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، قَال أَبُو بَكْرٍ: لاَ بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا حَاسِرَةً. وَوَجْهُ جَوَازِ النَّظَرِ إِلَى مَا يَظْهَرُ غَالِبًا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَذِنَ فِي النَّظَرِ إِلَيْهَا مِنْ غَيْرِ عِلْمِهَا عُلِمَ أَنَّهُ أَذِنَ فِي النَّظَرِ إِلَى جَمِيعِ مَا يَظْهَرُ عَادَةً إِذْ لاَ يُمْكِنُ إِفْرَادُ الْوَجْهِ بِالنَّظَرِ مَعَ مُشَارَكَةِ غَيْرِهِ لَهُ فِي الظُّهُورِ، وَلأَِنَّهُ يَظْهَرُ غَالِبًا فَأُبِيحَ النَّظَرُ إِلَيْهِ كَالْوَجْهِ (2) ، وَلأَِنَّهَا امْرَأَةٌ أُبِيحَ النَّظَرُ إِلَيْهَا بِأَمْرِ الشَّارِعِ فَأُبِيحَ النَّظَرُ مِنْهَا إِلَى ذَلِكَ كَذَوَاتِ الْمَحَارِمِ.
وَقَال الأَْوْزَاعِيُّ: يَنْظُرُ الْخَاطِبُ إِلَى مَوَاضِعِ اللَّحْمِ.

تَزَيُّنُ الْمَرْأَةِ الْخَلِيَّةِ وَتَعَرُّضُهَا لِلْخُطَّابِ:
30 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ تَحْلِيَةَ الْبَنَاتِ بِالْحُلِيِّ وَالْحُلَل لِيَرْغَبَ فِيهِنَّ الرِّجَال سُنَّةٌ. (3)
وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَدْ نَقَل الْحَطَّابُ عَنِ ابْنِ الْقَطَّانِ
__________
(1) حديث: " المرأة عورة " أخرجه الترمذي (3 / 467 - ط الحلبي) وقال: " حديث حسن غريب "
(2) رد المحتار 5 / 237، جواهر الإكليل 1 / 275، نهاية المحتاج 6 / 183، مطالب أولي النهى 5 / 11، كشاف القناع 5 / 10، المغني 6 / 553 - 554، نيل الأوطار 6 / 126، المواق 3 / 404
(3) البحر الرائق 3 / 78، وابن عابدين 2 / 262

الصفحة 199