كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 19)
وَيَتَقَيَّدُ فِي ذَلِكَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوِ اكْتَفَى بِنَظْرَةٍ حَرُمَ مَا زَادَ عَلَيْهَا؛ لأَِنَّهُ نَظَرٌ أُبِيحَ لِحَاجَةٍ فَيَتَقَيَّدُ بِهَا.
وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ - عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ - أَخَافَ الْخَاطِبُ الْفِتْنَةَ أَمْ لاَ. . كَمَا قَال إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالرُّويَانِيُّ.
أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَقَالُوا: يُكَرِّرُ الْخَاطِبُ النَّظَرَ وَيَتَأَمَّل الْمَحَاسِنَ وَلَوْ بِلاَ إِذْنٍ، وَلَعَلَّهُ أَوْلَى، إِنْ أَمِنَ الشَّهْوَةَ أَيْ ثَوَرَانَهَا. (1)
مَسُّ مَا يَنْظُرُ:
32 - لاَ يَجُوزُ لِلْخَاطِبِ أَنْ يَمَسَّ وَجْهَ الْمَخْطُوبَةِ وَلاَ كَفَّيْهَا وَإِنْ أَمِنَ الشَّهْوَةَ؛ لِمَا فِي الْمَسِّ مِنْ زِيَادَةِ الْمُبَاشَرَةِ؛ وَلِوُجُودِ الْحُرْمَةِ وَانْعِدَامِ الضَّرُورَةِ وَالْبَلْوَى. (2)
الْخَلْوَةُ بِالْمَخْطُوبَةِ:
33 - لاَ يَجُوزُ خَلْوَةُ الْخَاطِبِ بِالْمَخْطُوبَةِ لِلنَّظَرِ وَلاَ لِغَيْرِهِ لأَِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ وَلَمْ يَرِدِ الشَّرْعُ بِغَيْرِ النَّظَرِ فَبَقِيَتْ عَلَى التَّحْرِيمِ؛ وَلأَِنَّهُ لاَ يُؤْمَنُ مِنَ الْخَلْوَةِ الْوُقُوعُ فِي الْمَحْظُورِ. (3) فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: أَلاَ
__________
(1) رد المحتار 5 / 237، نهاية المحتاج 6 / 183، كشاف القناع 5 / 10.
(2) رد المحتار 5 / 237، جواهر الإكليل 1 / 275، أسنى المطالب 3 / 109.
(3) المغني 6 / 553.
لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ. (1)
إِرْسَال مَنْ يَنْظُرُ الْمَخْطُوبَةَ:
34 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ لِلْخَاطِبِ أَنْ يُرْسِل امْرَأَةً لِتَنْظُرَ الْمَخْطُوبَةَ ثُمَّ تَصِفَهَا لَهُ وَلَوْ بِمَا لاَ يَحِل لَهُ نَظَرُهُ مِنْ غَيْرِ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ فَيَسْتَفِيدَ بِالْبَعْثِ مَا لاَ يَسْتَفِيدُ بِنَظَرِهِ، وَهَذَا لِمَزِيدِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ مُسْتَثْنًى مِنْ حُرْمَةِ وَصْفِ امْرَأَةٍ لِرَجُلٍ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَل أُمَّ سُلَيْمٍ تَنْظُرُ إِلَى جَارِيَةٍ فَقَال: شُمِّي عَوَارِضَهَا وَانْظُرِي إِلَى عُرْقُوبِهَا. (2)
وَالْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ يَرَوْنَ أَنَّ مَنْ يُرْسَل لِلنَّظَرِ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ امْرَأَةً أَوْ نَحْوَهَا مِمَّنْ يَحِل لَهُ نَظَرُهَا رَجُلاً كَانَ أَوِ امْرَأَةً كَأَخِيهَا، أَوْ مَسْمُوحٌ يُبَاحُ لَهُ النَّظَرُ.
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ لِلْخَاطِبِ أَنْ يُرْسِل رَجُلاً. قَال الْحَطَّابُ: وَالظَّاهِرُ جَوَازُ النَّظَرِ إِلَى الْمَخْطُوبَةِ عَلَى حَسَبِ مَا لِلْخَاطِبِ، وَيُنَزَّل مَنْزِلَتَهُ مَا لَمْ
__________
(1) حديث: " ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان ". أخرجه الترمذي (4 / 466 - ط الحلبي) من حديث عمر بن الخطاب، وقال: " حسن صحيح ".
(2) حديث: " بعث أم سليم إلى جارية " أخرجه أحمد (3 / 231 - ط الميمنية) من حديث أنس بن مالك، وصوب البيهقي إرساله كما في التلخيص لابن حجر (3 / 147 - ط شركة الطباعة الفنية) .
الصفحة 201