كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 19)

بِحَمْدِ اللَّهِ فَهُوَ أَقْطَعُ (1) أَيْ عَنِ الْبَرَكَةِ، فَيَبْدَأُ بِالْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، ثُمَّ بِالصَّلاَةِ عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يُوصِي بِالتَّقْوَى، ثُمَّ يَقُول: جِئْتُكُمْ خَاطِبًا كَرِيمَتَكُمْ، وَإِنْ كَانَ وَكِيلاً قَال: جَاءَكُمْ مُوَكِّلِي خَاطِبًا كَرِيمَتَكُمْ أَوْ فَتَاتَكُمْ، وَيَخْطُبُ الْوَلِيُّ أَوْ نَائِبُهُ كَذَلِكَ ثُمَّ يَقُول: لَسْتُ بِمَرْغُوبٍ عَنْكَ أَوْ نَحْوَهُ.
وَتَبَرَّكَ الأَْئِمَّةُ بِمَا جَاءَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (2) عَلَّمَنَا خُطْبَةَ الْحَاجَةِ: إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِل لَهُ وَمَنْ يُضْلِل فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (3) {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} (4) إِلَى قَوْلِهِ: {رَقِيبًا} {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا
__________
(1) حديث: " كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أقطع " أخرجه ابن ماجه (1 / 610 - ط الحلبي) والدارقطني، (1 / 229 - ط دار المحاسن) من حديث أبي هريرة، وصوب الدارقطني إرساله.
(2) حديث عبد الله بن مسعود في خطبة النكاح، أخرجه أحمد (1 / 392 - 393 ط الميمنية) والحاكم (2 / 182 - 183 - ط دائرة المعارف العثمانية) وفي إسناده انقطاع ولكن له طرق أخرى تقويه.
(3) سورة آل عمران / 102.
(4) سورة النساء / 1.
قَوْلاً سَدِيدًا} (1) إِلَى قَوْلِهِ {عَظِيمًا} ، وَكَانَ الْقَفَّال يَقُول بَعْدَهَا: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الأُْمُورَ كُلَّهَا بِيَدِ اللَّهِ، يَقْضِي فِيهَا مَا يَشَاءُ، وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ، لاَ مُؤَخِّرَ لِمَا قَدَّمَ وَلاَ مُقَدِّمَ لِمَا أَخَّرَ، وَلاَ يَجْتَمِعُ اثْنَانِ وَلاَ يَتَفَرَّقَانِ إِلاَّ بِقَضَاءٍ وَقَدَرٍ وَكِتَابٍ قَدْ سَبَقَ، وَإِنَّ مِمَّا قَضَى اللَّهُ تَعَالَى وَقَدَّرَ أَنْ خَطَبَ فُلاَنُ بْنُ فُلاَنٍ فُلاَنَةَ بِنْتَ فُلاَنٍ. . أَقُول قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ أَجْمَعِينَ (2) .

سَادِسًا: الرُّجُوعُ عَنِ الْخِطْبَةِ:
38 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْخِطْبَةَ لَيْسَتْ بِعَقْدٍ شَرْعِيٍّ بَل هِيَ وَعْدٌ، وَإِنْ تَخَيَّل كَوْنَهَا عَقْدًا فَلَيْسَ بِلاَزِمٍ بَل جَائِزٌ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، وَلاَ يُكْرَهُ لِلْوَلِيِّ الرُّجُوعُ عَنِ الإِْجَابَةِ إِذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ لِلْمَخْطُوبَةِ فِي ذَلِكَ؛ لأَِنَّ الْحَقَّ لَهَا وَهُوَ نَائِبٌ عَنْهَا فِي النَّظَرِ لَهَا، فَلاَ يُكْرَهُ لَهُ الرُّجُوعُ الَّذِي رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِيهِ، كَمَا لَوْ سَاوَمَ فِي بَيْعِ دَارِهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ الْمَصْلَحَةُ فِي تَرْكِهَا، وَلاَ يُكْرَهُ لَهَا أَيْضًا الرُّجُوعُ إِذَا كَرِهَتِ الْخَاطِبَ؛ لأَِنَّ النِّكَاحَ عَقْدٌ عُمْرِيٌّ يَدُومُ الضَّرَرُ فِيهِ، فَكَانَ لَهَا الاِحْتِيَاطُ لِنَفْسِهَا وَالنَّظَرُ فِي حَظِّهَا، وَإِنْ رَجَعَا عَنْ ذَلِكَ لِغَيْرِ غَرَضٍ كُرِهَ لِمَا فِيهِ مِنْ إِخْلاَفِ الْوَعْدِ وَالرُّجُوعِ عَنِ الْقَوْل، وَلَمْ يَحْرُمْ لأَِنَّ الْحَقَّ بَعْدُ لَمْ يَلْزَمْهُمَا، كَمَنْ سَامَ سِلْعَةً ثُمَّ بَدَا لَهُ أَلاَّ يَبِيعَهَا.
__________
(1) سورة الأحزاب / 70.
(2) جواهر الإكليل 1 / 275، نهاية المحتاج 6 / 202، أسنى المطالب 3 / 117.

الصفحة 203