كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 19)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ. يُكْرَهُ لِمَنْ رَكَنَتْ لَهُ امْرَأَةٌ وَانْقَطَعَ عَنْهَا الْخُطَّابُ لِرُكُونِهَا إِلَيْهِ أَنْ يَتْرُكَهَا (1) .
سَابِعًا: الرُّجُوعُ بِالْهَدِيَّةِ إِلَى الْمَخْطُوبَةِ أَوِ النَّفَقَةِ عَلَيْهَا:
39 - إِذَا أَهْدَى الْخَاطِبُ إِلَى مَخْطُوبَتِهِ أَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا ثُمَّ لَمْ يَتِمَّ الزَّوَاجُ، فَفِي الرُّجُوعِ بِالْهَدِيَّةِ وَالنَّفَقَةِ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ:
قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا خَطَبَ بِنْتَ رَجُلٍ وَبَعَثَ إِلَيْهَا أَشْيَاءَ وَلَمْ يُزَوِّجْهَا أَبُوهَا فَمَا بَعَثَ لِلْمَهْرِ يَسْتَرِدُّ عَيْنَهُ قَائِمًا وَإِنْ تَغَيَّرَ بِالاِسْتِعْمَال، أَوْ بَدَلَهُ هَالِكًا لأَِنَّهُ مُعَاوَضَةٌ وَلَمْ تَتِمَّ فَجَازَ الاِسْتِرْدَادُ، وَكَذَا يَسْتَرِدُّ مَا بَعَثَ هَدِيَّةً وَهُوَ قَائِمٌ دُونَ الْهَالِكِ وَالْمُسْتَهْلَكِ؛ لأَِنَّهُ فِي مَعْنَى الْهِبَةِ، وَالْهَلاَكُ أَوِ الاِسْتِهْلاَكُ مَانِعٌ مِنَ الرُّجُوعِ بِهَا.
وَقَالُوا: لَوْ أَنْفَقَ رَجُلٌ عَلَى مُعْتَدَّةِ الْغَيْرِ - قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَلاَ شَكَّ أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ مَخْطُوبَةٌ أَيْضًا - يَطْمَعُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ عِدَّتِهَا، إِنْ تَزَوَّجَتْهُ لاَ رُجُوعَ مُطْلَقًا، وَإِنْ أَبَتْ فَلَهُ الرُّجُوعُ إِنْ كَانَ دَفَعَ لَهَا، وَإِنْ أَكَلَتْ مَعَهُ فَلاَ رُجُوعَ مُطْلَقًا؛ لأَِنَّهُ إِبَاحَةٌ لاَ تَمْلِيكٌ، أَوْ لأَِنَّهُ مَجْهُولٌ لاَ يُعْلَمُ قَدْرُهُ.
وَفِي الْمَسْأَلَةِ عِنْدَهُمْ أَقْوَالٌ أُخْرَى. (2)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَجُوزُ الإِْهْدَاءُ لِلْمُعْتَدَّةِ مِنْ وَفَاةٍ أَوْ طَلاَقِ غَيْرِهِ الْبَائِنِ لاَ الإِْنْفَاقُ عَلَيْهَا فَيَحْرُمُ،
__________
(1) حاشية الجمل 4 / 129، المغني 6 / 607 - 608، مواهب الجليل 3 / 411.
(2) رد المحتار 2 / 364 - 366.
فَإِنْ أَهْدَى لَهَا أَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا ثُمَّ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ فَلاَ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ. (1) وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: مَنْ خَطَبَ امْرَأَةً ثُمَّ أَنْفَقَ عَلَيْهَا نَفَقَةً لِيَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ الرُّجُوعُ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَى مَنْ دَفَعَهُ لَهُ، سَوَاءٌ أَكَانَ مَأْكَلاً أَمْ مَشْرَبًا أَمْ حَلْوَى أَمْ حُلِيًّا، وَسَوَاءٌ رَجَعَ هُوَ أَمْ مُجِيبُهُ، أَمْ مَاتَ أَحَدُهُمَا؛ لأَِنَّهُ إِنَّمَا أَنْفَقَهُ لأَِجْل تَزَوُّجِهَا فَيَرْجِعُ بِهِ إِنْ بَقِيَ وَبِبَدَلِهِ إِنْ تَلِفَ.
وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بِقَصْدِ الْهَدِيَّةِ لاَ لأَِجْل تَزَوُّجِهِ بِهَا لَمْ يَخْتَلِفْ فِي عَدَمِ الرُّجُوعِ.
وَقَالُوا: لَوْ دَفَعَ الْخَاطِبُ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ أَوْ وَلِيِّهِ شَيْئًا مِنْ مَأْكُولٍ، أَوْ مَشْرُوبٍ، أَوْ مَلْبُوسٍ لِمَخْطُوبَتِهِ أَوْ وَلِيِّهَا، ثُمَّ حَصَل إِعْرَاضٌ مِنَ الْجَانِبَيْنِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا، أَوْ مَوْتٌ لَهُمَا، أَوْ لأَِحَدِهِمَا رَجَعَ الدَّافِعُ أَوْ وَارِثُهُ بِجَمِيعِ مَا دَفَعَهُ إِنْ كَانَ قَبْل الْعَقْدِ مُطْلَقًا، وَكَذَا بَعْدَهُ إِنْ طَلَّقَ قَبْل الدُّخُول أَوْ مَاتَ، لاَ إِنْ مَاتَتْ هِيَ، وَلاَ رُجُوعَ بَعْدَ الدُّخُول مُطْلَقًا. (2)
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: هَدِيَّةُ الزَّوْجِ لَيْسَتْ مِنَ الْمَهْرِ نَصًّا، فَمَا أَهْدَاهُ الزَّوْجُ مِنْ هَدِيَّةٍ قَبْل عَقْدٍ إِنْ وَعَدُوهُ بِأَنْ يُزَوِّجُوهُ وَلَمْ يَفُوا رَجَعَ بِهَا - قَالَهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ -: لأَِنَّهُ بَذَلَهَا فِي نَظِيرِ النِّكَاحِ وَلَمْ يُسَلَّمْ لَهُ، وَإِنِ امْتَنَعَ هُوَ لاَ رُجُوعَ لَهُ.
وَمَا قَبَضَهُ بَعْضُ أَقَارِبِ الْمَرْأَةِ كَالَّذِي يُسَمُّونَهُ
__________
(1) جواهر الإكليل 1 / 176.
(2) حاشية الجمل 4 / 129.
الصفحة 204