كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 19)

مَأْكَلَةً بِسَبَبِ نِكَاحٍ، فَحُكْمُهُ كَمَهْرٍ فِيمَا يُقَرِّرُهُ وَيُسْقِطُهُ وَيُنَصِّفُهُ، وَيَكُونُ لَهَا وَلاَ يَمْلِكُ الْوَلِيُّ مِنْهُ شَيْئًا إِلاَّ أَنْ تَهَبَهُ لَهُ بِشَرْطِهِ إِلاَّ الأَْبُ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ. . وَمَحَل كَوْنِ حُكْمِ الْمَجْعُول مَأْكَلَةً كَمَهْرٍ حَيْثُ قَبَضَهُ أَوْلِيَاءُ الْمَرْأَةِ، أَمَّا قَبْل الْقَبْضِ فَلِلْخَاطِبِ الرُّجُوعُ بِمَا شَرَطَهُ لَهُمْ؛ لأَِنَّهُ تَبَرُّعٌ لَمْ يُقْبَضْ فَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِهِ.
وَلَوِ اتَّفَقَ الْخَاطِبُ مَعَ الْمَرْأَةِ وَوَلِيِّهَا عَلَى النِّكَاحِ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ فَأَعْطَى الْخَاطِبُ أَبَاهَا لأَِجْل ذَلِكَ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ صَدَاقٍ فَمَاتَتْ قَبْل عَقْدٍ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ - قَالَهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - لأَِنَّ عَدَمَ التَّمَامِ لَيْسَ مِنْ جِهَتِهِمْ، وَعَلَى قِيَاسِ ذَلِكَ لَوْ مَاتَ الْخَاطِبُ لاَ رُجُوعَ لِوَرَثَتِهِ.
وَتُرَدُّ الْهَدِيَّةُ عَلَى الزَّوْجِ فِي كُل فُرْقَةٍ اخْتِيَارِيَّةٍ مُسْقِطَةٍ لِلْمَهْرِ كَفَسْخِ الزَّوْجَةِ الْعَقْدَ لِفَقْدِ كَفَاءَةٍ أَوْ لِعَيْبٍ فِي الزَّوْجِ، وَنَحْوِهِ قَبْل الدُّخُول لِدَلاَلَةِ الْحَال أَنَّهُ بِشَرْطِ بَقَاءِ الْعَقْدِ، فَإِذَا زَال مَلَكَ الرُّجُوعَ، كَهِبَةِ الثَّوَابِ.
قَال صَاحِبُ مَطَالِبِ أُولِي النُّهَى: وَيُتَّجَهُ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ هَدِيَّةٍ أَهْدَاهَا الْخَاطِبُ بَعْدَ الْعَقْدِ فَهُوَ الَّذِي يُرَدُّ بِحُصُول الْفُرْقَةِ، أَمَّا مَا كَانَ قَدْ أُهْدِيَ قَبْل الْعَقْدِ فَلاَ يُرَدُّ؛ لأَِنَّهُ تَقَرَّرَ بِالْعَقْدِ. وَتَثْبُتُ الْهَدِيَّةُ لِلزَّوْجَةِ مَعَ فَسْخٍ لِلنِّكَاحِ مُقَرِّرٍ الصَّدَاقَ أَوْ لِنِصْفِهِ فَلاَ رُجُوعَ لَهُ؛ لأَِنَّ زَوَال الْعَقْدِ لَيْسَ مِنْ قِبَلِهَا. (1)
__________
(1) مطالب أولي النهى 2 / 214 - 215.
خَطَرٌ

التَّعْرِيفُ:
1 - الْخَطَرُ بِفَتْحَتَيْنِ فِي اللُّغَةِ، الإِْشْرَافُ عَلَى الْهَلاَكِ وَخَوْفُ التَّلَفِ. وَيُقَال: هَذَا أَمْرٌ خَطَرٌ أَيْ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ أَنْ يُوجَدَ، وَأَنْ لاَ يُوجَدَ، وَيُطْلَقُ عَلَى السَّبَقِ الَّذِي يُتَرَاهَنُ عَلَيْهِ. وَالْمُخَاطَرَةُ، الْمُرَاهَنَةُ، وَخَاطَرْتُهُ عَلَى مَالٍ رَاهَنْتَهُ عَلَيْهِ وَزْنًا وَمَعْنًى. وَخَطَرُ الرَّجُل: قَدْرُهُ، وَمَنْزِلَتُهُ، فَيُقَال: رَجُلٌ خَطِيرٌ أَيْ ذُو شَأْنٍ. وَالْخَاطِرُ: هُوَ اسْمٌ لِمَا يَتَحَرَّكُ فِي الْقَلْبِ مِنْ رَأْيٍ أَوْ مَعْنًى، يُقَال: خَطَرَ بِبَالِي كَذَا، أَيْ وَقَعَ فِيهِ (1) .
وَلاَ يَخْرُجُ الْخَطَرُ فِي الاِصْطِلاَحِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.

الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
2 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ تَعْرِيضَ النَّفْسِ لِخَطَرِ الْهَلاَكِ حَرَامٌ؛ لأَِنَّ حِفْظَهَا مِنْ أَهَمِّ مَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ. قَال اللَّهُ تَعَالَى: {وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (2) .
__________
(1) تاج العروس والمصباح، والكليات، التعريفات للجرجاني مادة: " خطر ".
(2) سورة البقرة / 195.

الصفحة 205