كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 19)

وَالْحَنَابِلَةِ. قَال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: عَقْدُ الْخُلْطَةِ جَعَل كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَالآْذِنِ لِخَلِيطِهِ فِي الإِْخْرَاجِ عَنْهُ. وَقَال ابْنُ حَامِدٍ: يُجْزِئُ إِخْرَاجُ أَحَدِهِمَا بِلاَ إِذْنِ الآْخَرِ.
وَاخْتَارَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ: لاَ يُجْزِئُ إِلاَّ بِإِذْنٍ (1) .

أَنْوَاعُ الأَْمْوَال الزَّكَوِيَّةِ الَّتِي يَظْهَرُ فِيهَا
تَأْثِيرُ الْخُلْطَةِ عِنْدَ غَيْرِ الْحَنَفِيَّةِ:
أَوَّلاً: السَّائِمَةُ:
5 - قَدِ اتَّفَقَ مَنْ عَدَا الْحَنَفِيَّةِ عَلَى أَنَّ الْخُلْطَةَ مُؤَثِّرَةٌ فِيهَا. سَوَاءٌ أَكَانَتْ إِبِلاً مَعَ إِبِلٍ، أَوْ غَنَمًا مَعَ غَنْمٍ، أَوْ بَقَرًا مَعَ بَقَرٍ (2) .

ثَانِيًا: الزَّرْعُ وَالثَّمَرُ وَعُرُوضُ التِّجَارَةِ وَالذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ:
فَالأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهَا تُؤَثِّرُ أَيْضًا، فَلَوْ كَانَ نِصَابٌ مِنْهَا مُشْتَرِكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ، وَكَذَا إِنْ كَانَ مُخْتَلِطًا خُلْطَةَ جِوَارٍ. وَاحْتَجُّوا بِعُمُومِ الْحَدِيثِ لاَ يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ وَهَذَا رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ اخْتَارَهَا الآْجُرِّيُّ وَصَحَّحَهَا ابْنُ عَقِيلٍ، وَوَجَّهَهَا الْقَاضِي بِأَنَّ
__________
(1) الفروع 2 / 405 ونهاية المحتاج 3 / 61.
(2) جواهر الإكليل 1 / 121 والدسوقي على الشرح الكبير 1 / 439 ط عيسى الحلبي والمغني 2 / 607 وشرح المنهاج 2 / 12.
الْمَئُونَةَ تَخِفُّ فَالْمُلَقِّحُ وَاحِدٌ، وَالْحِرَاثُ وَاحِدٌ، وَالْجَرِينُ وَاحِدٌ، وَكَذَا الدُّكَّانُ وَاحِدٌ، وَالْمِيزَانُ وَالْمَخْزَنُ وَالْبَائِعُ. وَمَذْهَبُ مَالِكٍ هُوَ الرِّوَايَةُ الأُْخْرَى عَنْ أَحْمَدَ وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيَّةِ: إِنَّ الْخُلْطَةَ فِيهَا لاَ تُؤَثِّرُ مُطْلَقًا، بَل يُزَكِّي مَال كُل شَرِيكٍ أَوْ خَلِيطٍ وَحْدَهُ. قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَهَذَا قَوْل أَكْثَرِ أَهْل الْعِلْمِ قَال: وَهُوَ الصَّحِيحُ، لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْخَلِيطَانِ مَا اجْتَمَعَا عَلَى الْحَوْضِ وَالرَّاعِي وَالْفَحْل (1) فَدَل عَلَى أَنَّ مَا لَمْ يُوجَدْ فِيهِ ذَلِكَ لاَ يَكُونُ خُلْطَةً مُؤَثِّرَةً، وَدَل عَلَى أَنَّ حَدِيثَ لاَ يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْمَاشِيَةِ.
وَوَجْهُ الْخُصُوصِيَّةِ أَنَّ الزَّكَاةَ تَقِل بِجَمْعِ الْمَاشِيَةِ تَارَةً وَتَزِيدُ أُخْرَى، وَسَائِرُ الأَْمْوَال غَيْرِ الْمَاشِيَةِ تَجِبُ فِيهَا فِيمَا زَادَ عَلَى النِّصَابِ بِحِسَابِهِ فَلاَ أَثَرَ لِجَمْعِهَا؛ وَلأَِنَّ الْخُلْطَةَ فِي الْمَاشِيَةِ تُؤَثِّرُ لِلْمَالِكِ نَفْعًا تَارَةً وَضَرَرًا تَارَةً أُخْرَى، وَلَوِ اعْتُبِرَتْ فِي غَيْرِ الْمَاشِيَةِ أَثَّرَتْ ضَرَرًا مَحْضًا بِرَبِّ الْمَال، أَيْ فِي حَال انْفِرَادِ كُلٍّ مِنَ الْخَلِيطَيْنِ بِأَقَل مِنَ النِّصَابِ، فَلاَ يَجُوزُ اعْتِبَارُهَا (2) .
__________
(1) حديث: " الخليطان ما اجتمعا على الحوض. . " أخرجه الدارقطني (2 / 104 - ط دار المحاسن) من حديث سعد بن أبي وقاص، وقال أبو حاتم الرازي في علل الحديث (1 / 219 - ط السلفية) : " هذا حديث باطل ".
(2) المغني 2 / 619 والفروع 2 / 398.

الصفحة 228