كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 19)
يُعْتَبَرُ الْمَشْرُوطُ لاَ غَيْرُهُ، وَأَمَّا أَبُو يُوسُفَ فَقَدْ وَافَقَ مُحَمَّدًا فِي الْخُلْعِ وَخَالَفَهُ فِي الْمُبَارَأَةِ، وَخَالَفَ أَبَا حَنِيفَةَ فِي الْخُلْعِ، وَوَافَقَهُ فِي الْمُبَارَأَةِ؛ لأَِنَّ الْمُبَارَأَةَ مُفَاعَلَةٌ مِنَ الْبَرَاءَةِ فَتَقْتَضِيهَا مِنَ الْجَانِبَيْنِ، وَأَنَّهُ مُطْلَقٌ قَيَّدْنَاهُ بِحُقُوقِ النِّكَاحِ لِدَلاَلَةِ الْغَرَضِ، أَمَّا الْخُلْعُ فَمُقْتَضَاهُ الاِنْخِلاَعُ، وَقَدْ حَصَل فِي نَقْضِ النِّكَاحِ وَلاَ ضَرُورَةَ إِلَى انْقِطَاعِ الأَْحْكَامِ (1) .
حَقِيقَةُ الْخُلْعِ:
7 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْخُلْعَ إِذَا وَقَعَ بِلَفْظِ الطَّلاَقِ أَوْ نَوَى بِهِ الطَّلاَقَ فَهُوَ طَلاَقٌ وَإِنَّمَا الْخِلاَفُ بَيْنَهُمْ فِي وُقُوعِهِ بِغَيْرِ لَفْظِ الطَّلاَقِ وَلَمْ يَنْوِ بِهِ صَرِيحَ الطَّلاَقِ أَوْ كِنَايَتَهُ. فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الْمُفْتَى بِهِ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ وَالْحَنَابِلَةُ فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ إِلَى أَنَّ الْخُلْعَ طَلاَقٌ. وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ وَالْحَنَابِلَةُ فِي أَشْهَرِ مَا يُرْوَى عَنْ أَحْمَدَ إِلَى أَنَّهُ فَسْخٌ (2) .
__________
(1) فتح القدير مع العناية 3 / 215 - 216 - ط الأميرية، تبيين الحقائق 2 / 272 - ط بولاق، الاختيار 3 / 160 - ط المعرفة.
(2) لمبسوط 6 / 171 - ط السعادة، البناية 4 / 658 - ط الفكر، تبيين الحقائق 2 / 268 - ط بولاق، بداية المجتهد 3 / 59 - ط التجارية، مواهب الجليل 4 / 19 - ط النجاح، الخرشي 4 / 12، ط بولاق، شرح الرسالة مع حاشية العدوي 2 / 103 - ط المعرفة، روضة الطالبين 7 / 375 - ط المكتب الإسلامي، الكافي 3 / 145 - ط المكتب الإسلامي، كشاف القناع 5 / 216 - ط النصر، المغني 7 / 56 - ط الرياض، الإنصاف 8 / 392 - 393 - ط التراث.
هَذَا وَالْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْخُلْعَ طَلاَقٌ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الَّذِي يَقَعُ بِهِ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ (1) ، لأَِنَّ الزَّوْجَ مَلَكَ الْبَدَل عَلَيْهَا فَتَصِيرُ هِيَ بِمُقَابَلَتِهِ أَمْلَكَ لِنَفْسِهَا؛ وَلأَِنَّ غَرَضَهَا مِنَ الْتِزَامِ الْبَدَل أَنْ تَتَخَلَّصَ مِنَ الزَّوْجِ وَلاَ يَحْصُل ذَلِكَ إِلاَّ بِوُقُوعِ الْبَيْنُونَةِ. إِلاَّ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ ذَكَرُوا أَنَّ الزَّوْجَ إِنْ نَوَى بِالْخُلْعِ ثَلاَثَ تَطْلِيقَاتٍ فَهِيَ ثَلاَثٌ، لأَِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَلْفَاظِ الْكِنَايَةِ، وَإِنْ نَوَى اثْنَتَيْنِ فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ عِنْدَ غَيْرِ زُفَرَ، وَعِنْدَهُ ثِنْتَانِ، كَمَا فِي لَفْظِ الْحُرْمَةِ وَالْبَيْنُونَةِ وَبِهِ قَال مَالِكٌ (2) .
وَالْخِلاَفُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ تَمَامِ الْخُلْعِ لاَ قَبْلَهُ، وَسَبَبُ الْخِلاَفِ فِي كَوْنِ الْخُلْعِ طَلاَقًا أَوْ فَسْخًا، أَنَّ اقْتِرَانَ الْعِوَضِ فِيهِ هَل يُخْرِجُهُ مِنْ نَوْعِ فُرْقَةِ الطَّلاَقِ إِلَى نَوْعِ فُرْقَةِ الْفَسْخِ، أَوْ لاَ يُخْرِجُهُ (3) .
احْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْخُلْعَ فَسْخٌ بِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ
__________
(1) ذكر ابن حزم في المحلى أنه طلاق رجعي إلا أن يطلقها ثلاثًا أو آخر ثلاث أو تكون غير موطوءة فإن راجعها في العدة جاز ذلك أحبت أم كرهت ويرد ما أخذ منها إليها المحلى 10 / 235، سنة 1978 - ط المنيرية.
(2) المبسوط 6 / 172 - ط السعادة، تفسير القرطبي 3 / 143 - ط الثانية.
(3) تبيين الحقائق 2 / 268 - ط بولاق، بداية المجتهد 2 / 60 - ط التجارية الكبرى.
الصفحة 237