كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 19)
فِي ضَمَانِهِ بِمُجَرَّدِ الْخُلْعِ وَصَحَّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ (1) .
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
9 - الْخُلْعُ جَائِزٌ فِي الْجُمْلَةِ سَوَاءٌ فِي حَالَةِ الْوِفَاقِ وَالشِّقَاقِ خِلاَفًا لاِبْنِ الْمُنْذِرِ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَصِحُّ الْخُلْعُ فِي حَالَتَيِ الشِّقَاقِ وَالْوِفَاقِ، ثُمَّ لاَ كَرَاهَةَ فِيهِ إِنْ جَرَى فِي حَال الشِّقَاقِ، أَوْ كَانَتْ تُكْرَهُ صُحْبَتُهُ لِسُوءِ خُلُقِهِ، أَوْ دِينِهِ، أَوْ تَحَرَّجَتْ مِنَ الإِْخْلاَل بِبَعْضِ حُقُوقِهِ، أَوْ ضَرَبَهَا تَأْدِيبًا فَافْتَدَتْ، وَأَلْحَقَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ بِهِ مَا إِذَا مَنَعَهَا نَفَقَةً أَوْ غَيْرَهَا فَافْتَدَتْ لِتَتَخَلَّصَ مِنْهُ، قَال الْقَلْيُوبِيُّ: فَإِنْ مَنَعَهَا النَّفَقَةَ لِكَيْ تَخْتَلِعَ مِنْهُ فَهُوَ مِنَ الإِْكْرَاهِ فَتَبِينُ مِنْهُ بِلاَ مَالٍ إِذَا ثَبَتَ الإِْكْرَاهُ، قَال الرَّمْلِيُّ: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ. وَجَاءَ فِي مُغْنِي الْمُحْتَاجِ اسْتِثْنَاءُ حَالَتَيْنِ مِنَ الْكَرَاهَةِ: إِحْدَاهُمَا أَنْ يَخَافَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَنْ لاَ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ أَيْ مَا افْتَرَضَهُ فِي النِّكَاحِ.
وَالثَّانِيَةُ: أَنْ يَحْلِفَ بِالطَّلاَقِ الثَّلاَثِ عَلَى فِعْل شَيْءٍ لاَ بُدَّ لَهُ مِنْهُ كَالأَْكْل وَالشُّرْبِ وَقَضَاءِ الْحَاجَةِ، فَيَخْلَعَهَا، ثُمَّ يَفْعَل الأَْمْرَ الْمَحْلُوفَ
__________
(1) العناية بهامش فتح القدير 3 / 199 - ط بولاق، حاشية ابن عابدين 2 / 558 - 559 - ط المصرية، الشرح الصغير بحاشية الصاوي 2 / 518 - ط المعارف، مغني المحتاج 2 / 269 - ط التراث العربي، المغني 7 / 66 - ط الرياض.
عَلَيْهِ، ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا فَلاَ يَحْنَثُ لاِنْحِلاَل الْيَمِينِ بِالْفِعْلَةِ الأُْولَى، إِذْ لاَ يَتَنَاوَل إِلاَّ الْفِعْلَةَ الأُْولَى وَقَدْ حَصَلَتْ، فَإِنْ خَالَعَهَا وَلَمْ يَفْعَل الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَفِيهِ قَوْلاَنِ: أَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ يَتَخَلَّصُ مِنَ الْحِنْثِ فَإِذَا فَعَل الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ بَعْدَ النِّكَاحِ لَمْ يَحْنَثْ؛ لأَِنَّهُ تَعْلِيقٌ سَبَقَ هَذَا النِّكَاحَ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ، كَمَا إِذَا عَلَّقَ الطَّلاَقَ قَبْل النِّكَاحِ عَلَى صِفَةٍ وُجِدَتْ بَعْدَهُ (1) .
وَالْخِلاَفُ فِي كَوْنِ الْخُلْعِ جَائِزًا أَوْ مَكْرُوهًا إِنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ الْمُعَاوَضَةُ عَلَى الْعِصْمَةِ، كَمَا فِي حَاشِيَةِ الصَّاوِيِّ، وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ طَلاَقًا فَهُوَ مَكْرُوهٌ بِالنَّظَرِ لأَِصْلِهِ أَوْ خِلاَفُ الأَْوْلَى، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: أَبْغَضُ الْحَلاَل إِلَى اللَّهِ الطَّلاَقُ (2) .
وَاسْتَدَلُّوا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الأُْمَّةِ، أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا
__________
(1) تبيين الحقائق 2 / 267 - ط بولاق، الشرح الصغير بحاشية الصاوي 2 / 517 - 518 ط المعارف، الدسوقي 2 / 347 - ط الفكر، حاشية العدوي على الرسالة 2 / 102 - 103، ط المعرفة، الخرشي 4 / 12 - ط بولاق، القوانين الفقهية / 233 - ط العربي، القليوبي 3 / 308، نهاية المحتاج 6 / 386، روضة الطالبين 7 / 374 ط المكتب الإسلامي، مغني المحتاج 3 / 262 - ط التراث.
(2) حديث: " أبغض الحلال إلى الله الطلاق ". أخرجه أبو داود (2 / 631 - 632 - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث عبد الله بن عمر، وصوب أبو حاتم الرازي في " العلل " (1 / 431 - ط السلفية) إرساله.
الصفحة 240