كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 19)

جَوَازُهُ بِحَاكِمٍ وَبِلاَ حَاكِمٍ:
13 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى جَوَازِ الْخُلْعِ بِحَاكِمٍ وَبِلاَ حَاكِمٍ، وَهُوَ قَوْل عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ طَرِيقِ خَيْثَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْصُولاً " أَنَّ بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ أُتِيَ فِي خُلْعٍ كَانَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ فَلَمْ يُجِزْهُ فَقَال لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شِهَابٍ الْخَوْلاَنِيُّ: قَدْ أَتَى عُمَرُ فِي خُلْعٍ فَأَجَازَهُ (1) وَلأَِنَّ الطَّلاَقَ مِنْ حَيْثُ النَّظَرُ جَائِزٌ بِلاَ حَاكِمٍ فَكَذَلِكَ الْخُلْعُ.
وَذَهَبَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ كَمَا ذَكَرَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ الْخُلْعِ دُونَ السُّلْطَانِ بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لاَ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} (2) ، وقَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} (3) . قَال: فَجَعَل الْخَوْفَ لِغَيْرِ الزَّوْجَيْنِ وَلَمْ يَقُل فَإِنْ خَافَا.

وَقْتُ الْخُلْعِ:
14 - صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّ الْخُلْعَ جَائِزٌ فِي
__________
(1) فتح الباري 9 / 396 - 397 - ط الرياض، المبسوط 6 / 173 - ط السعادة، الدسوقي 2 / 347 - ط الفكر، الكافي 3 / 144 - ط المكتب الإسلامي، كشاف القناع 5 / 213 - ط النصر، المغني 7 / 52 - ط الرياض، المهذب 2 / 72 - ط الحلبي، بدائع الصنائع 3 / 145 - ط الجمالية.
(2) سورة البقرة / 229.
(3) سورة النساء / 35.
الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ الَّذِي أَصَابَهَا فِيهِ؛ لأَِنَّ الْمَنْعَ مِنَ الطَّلاَقِ فِي الْحَيْضِ لِلضَّرَرِ الَّذِي يَلْحَقُهَا بِتَطْوِيل الْعِدَّةِ، وَالْخُلْعُ شُرِعَ لِرَفْعِ الضَّرَرِ الَّذِي يَلْحَقُهَا بِسُوءِ الْعِشْرَةِ وَالتَّقْصِيرِ فِي حَقِّ الزَّوْجِ، وَالضَّرَرُ بِذَلِكَ أَعْظَمُ مِنَ الضَّرَرِ بِتَطْوِيل الْعِدَّةِ، فَجَازَ دَفْعُ أَعْظَمِ الضَّرَرَيْنِ بِأَخَفِّهِمَا، وَلِذَلِكَ لَمْ يَسْأَل النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُخْتَلِعَةَ عَنْ حَالِهَا؛ وَلأَِنَّ ضَرَرَ تَطْوِيل الْعِدَّةِ عَلَيْهَا وَالْخُلْعُ يَحْصُل بِسُؤَالِهَا فَيَكُونُ ذَلِكَ رِضَاءً مِنْهَا بِهِ وَدَلِيلاً عَلَى رُجْحَانِ مَصْلَحَتِهَا فِيهِ (1) .

أَرْكَانُهُ وَمَا قَالَهُ الْفُقَهَاءُ فِي شُرُوطِهَا:
15 - لِلْخُلْعِ عِنْدَ غَيْرِ الْحَنَفِيَّةِ خَمْسَةُ أَرْكَانٍ وَهِيَ: الْمُوجِبُ - الْقَابِل - الْمُعَوَّضُ - الْعِوَضُ - الصِّيغَةُ.
فَالْمُوجِبُ: الزَّوْجُ أَوْ وَلِيُّهُ، وَالْقَابِل: الْمُلْتَزِمُ لِلْعِوَضِ، وَالْمُعَوَّضُ: الاِسْتِمْتَاعُ بِالزَّوْجَةِ، وَالْعِوَضُ: الشَّيْءُ الْمُخَالَعُ بِهِ، وَالصِّيغَةُ، الإِْيجَابُ وَالْقَبُول وَالأَْلْفَاظُ الَّتِي يَقَعُ بِهَا الْخُلْعُ.
وَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَقَدْ ذَكَرُوا لَهُ رُكْنَيْنِ إِنْ كَانَ بِعِوَضٍ وَهُمَا: الإِْيجَابُ وَالْقَبُول (2) ، لأَِنَّهُ عَقْدٌ
__________
(1) المهذب 2 / 72 - ط الحلبي، المغني 7 / 52 - ط الرياض، كشاف القناع 5 / 213 - ط النصر.
(2) الشرح الصغير مع حاشية الصاوي 2 / 517 - ط المعارف، مغني المحتاج 3 / 263 - ط التراث، بجيرمي على الخطيب 3 / 412 - ط المعرفة، روضة الطالبين 7 / 383 - 395 - ط المكتب الإسلامي، حاشية القليوبي 3 / 307 - ط الحلبي، كشاف القناع 5 / 213 - 231 - ط النصر، بدائع الصنائع 3 / 145 - ط الجمالية.

الصفحة 244