كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 19)

وَأَمَّا وَلِيُّ السَّفِيهِ فَلاَ يُخَالِعُ عَنْهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ؛ لأَِنَّ الطَّلاَقَ بِيَدِ الزَّوْجِ الْمُكَلَّفِ وَلَوْ سَفِيهًا أَوْ عَبْدًا لاَ بِيَدِ الأَْبِ، فَأَوْلَى غَيْرُهُ مِنَ الأَْوْلِيَاءِ كَالْوَصِيِّ وَالْحَاكِمِ (1) .
وَالْخُلْعُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ يَصِحُّ مِمَّنْ يَصِحُّ طَلاَقُهُ بِالْمِلْكِ، أَوِ الْوَكَالَةِ، أَوِ الْوِلاَيَةِ كَالْحَاكِمِ فِي الشِّقَاقِ (2) .
وَلاَ يَجُوزُ لِلأَْبِ أَنْ يَخْلَعَ زَوْجَةَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ أَوْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِ عِوَضٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَعَلَى الرِّوَايَةِ الأَْشْهَرِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ (3) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الطَّلاَقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ (4) .
وَذَهَبَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ أَيَّدَهَا الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَرَجَّحَهَا صَاحِبُ الْمُبْدِعِ إِلَى أَنَّ الأَْبَ يَمْلِكُ ذَلِكَ، لأَِنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا طَلَّقَ عَلَى ابْنٍ لَهُ مَعْتُوهٍ؛ وَلأَِنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُزَوِّجَهُ، فَصَحَّ أَنْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُتَّهَمًا شَأْنُهُ
__________
(1) الشرح الصغير مع حاشية الصاوي 2 / 526 - 527 - ط المعارف، جواهر الإكليل 1 / 332 - ط المعرفة، مواهب الجليل مع التاج والإكليل 4 / 26 - ط النجاح.
(2) كشاف القناع 5 / 213 - ط النصر.
(3) حاشية ابن عابدين 2 / 568 - 569 - ط المصرية، المهذب 2 / 72 - ط الحلبي، المبدع 7 / 223 - ط المكتب الإسلامي، المغني 7 / 88 - ط الرياض.
(4) حديث: " الطلاق لمن أخذ بالساق ". أخرجه ابن ماجه (1 / 672 - ط الحلبي) من حديث عبد الله بن عباس، وضعف إسناده البوصيري.
كَالْحَاكِمِ يَفْسَخُ لِلإِْعْسَارِ وَيُزَوِّجُ الصَّغِيرَ (1) .
وَأَمَّا خُلْعُ الأَْبِ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ فَقَدْ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّ مَنْ خَلَعَ ابْنَتَهُ وَهِيَ صَغِيرَةٌ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهَا لَمْ يَجُزْ عَلَيْهَا؛ لأَِنَّهُ لاَ نَظَرَ لَهَا فِيهِ، كَمَا ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ، إِذِ الْبُضْعُ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ، وَالْبَدَل مُتَقَوِّمٌ، بِخِلاَفِ النِّكَاحِ؛ لأَِنَّ الْبُضْعَ مُتَقَوِّمٌ عِنْدَ الدُّخُول، وَلِهَذَا يُعْتَبَرُ خُلْعُ الْمَرِيضَةِ مِنَ الثُّلُثِ، وَنِكَاحُ الْمَرِيضِ بِمَهْرِ الْمِثْل مِنْ جَمِيعِ الْمَال.
وَلأَِنَّهُ بِذَلِكَ يَسْقُطُ حَقُّهَا مِنَ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَالاِسْتِمْتَاعِ، وَإِذَا لَمْ يَجُزْ لاَ يَسْقُطُ الْمَهْرُ وَلاَ يَسْتَحِقُّ مَالَهَا وَلِلزَّوْجِ مُرَاجَعَتُهَا إِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الدُّخُول كَمَا فِي الْمُهَذَّبِ، وَذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ فِي وُقُوعِ الطَّلاَقِ أَوْ عَدَمِ وُقُوعِهِ رِوَايَتَيْنِ مَنْشَؤُهُمَا قَوْل مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فِي الْكِتَابِ لَمْ يَجُزْ، فَإِنَّهُ يُحْتَمَل أَنْ يَنْصَرِفَ إِلَى الطَّلاَقِ وَأَنْ يَنْصَرِفَ إِلَى لُزُومِ الْمَال، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الطَّلاَقَ وَاقِعٌ، وَعَدَمُ الْجَوَازِ مُنْصَرِفٌ إِلَى الْمَال، نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُنْتَقَى لأَِنَّ لِسَانَ الأَْبِ كَلِسَانِهَا.
وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَدْ جَوَّزُوا خُلْعَ الْمُجْبِرِ كَأَبٍ عَنِ الْمُجْبَرَةِ مِنْ مَالِهَا وَلَوْ بِجَمِيعِ مَهْرِهَا بِغَيْرِ إِذْنِهَا، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُجْبِرِ كَوَصِيٍّ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَالِعَ
__________
(1) المغني 7 / 87 - 88 - ط الرياض، المبدع 7 / 223 - ط المكتب الإسلامي.

الصفحة 249