كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 19)
عَمَّنْ تَحْتَ إِيصَائِهِ مِنْ مَالِهَا بِغَيْرِ إِذْنِهَا، وَكَذَا بِإِذْنِهَا عَلَى الأَْرْجَحِ.
وَذَكَرَ الْحَنَابِلَةُ فِي قَوْلٍ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُبْدِعِ بِلَفْظِ قِيل: إِنَّهُ لَهُ ذَلِكَ إِذَا رَأَى الْحَظَّ فِيهِ كَتَخْلِيصِهَا مِمَّنْ يُتْلِفُ مَالَهَا وَيُخَافُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهَا وَعَقْلِهَا، وَالأَْبُ وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ إِذَا خَالَعُوا فِي حَقِّ الْمَجْنُونَةِ وَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ أَوْ صِغَرٍ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا خَالَعَ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ، صَرَّحَ بِهِ فِي الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ؛ لأَِنَّهُ يَجُوزُ مَعَ الأَْجْنَبِيِّ، فَمِنَ الْوَلِيِّ أَوْلَى (1) .
خُلْعُ الْفُضُولِيِّ:
21 - لِلْفُقَهَاءِ فِي خُلْعِ الْفُضُولِيِّ اتِّجَاهَانِ:
الأَْوَّل: جَوَازُهُ وَصِحَّتُهُ وَهُوَ قَوْل الْحَنَفِيَّةِ لَكِنْ بِقَيْدٍ وَهُوَ أَنْ يُضِيفَ الْبَدَل إِلَى نَفْسِهِ عَلَى وَجْهٍ يُفِيدُ ضَمَانَهُ لَهُ أَوْ مِلْكَهُ إِيَّاهُ، مِثْل أَنْ يَقُول: اخْلَعْهَا بِأَلْفٍ عَلَيَّ أَوْ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ أَوْ عَلَى أَلْفَيْ هَذِهِ، فَإِنْ أَرْسَل الْخُلْعَ بِأَنْ قَال عَلَى أَلْفٍ أَوْ عَلَى هَذَا الْجَمَل، فَإِنْ قَبِلَتْ لَزِمَهَا تَسْلِيمُهُ، أَوْ قِيمَتُهُ إِنْ عَجَزَتْ، وَإِنْ أَضَافَهُ إِلَى غَيْرِهِ كَجَمَل فُلاَنٍ اعْتُبِرَ قَبُول فُلاَنٍ.
__________
(1) فتح القدير مع العناية 3 / 218 - ط الأميرية، تبيين الحقائق 3 / 273 - 274 - ط بولاق، البناية 4 / 683 - 684 - ط الفكر، الخرشي 4 / 13 - ط بولاق، الشرح الصغير مع حاشية الصاوي 2 / 520 - ط المعارف، المهذب 2 / 72 - ط الحلبي، المبدع 7 / 223 - ط المكتب الإسلامي، الكافي 3 / 144 - ط المكتب الإسلامي، المغني 7 / 83 - 84 - ط الرياض.
وَهُوَ جَائِزٌ أَيْضًا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ سَوَاءٌ قَصَدَ الْفُضُولِيُّ بِذَلِكَ جَلْبَ مَصْلَحَةٍ أَوْ دَرْءَ مَفْسَدَةِ أَوْ إِسْقَاطَ نَفَقَتِهَا عَنِ الزَّوْجِ كَمَا فِي ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ إِلاَّ أَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلاَمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ قَيَّدَ صِحَّتَهُ بِعَدَمِ قَصْدِ الْفُضُولِيِّ إِسْقَاطَ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ عَنِ الزَّوْجِ فَإِنْ قَصَدَ إِسْقَاطَهَا عَنْهُ فَقَدْ حُكِيَ فِيهِ ثَلاَثَةُ أَقْوَالٍ:
أ - يُرَدُّ الْعِوَضُ وَيَقَعُ الطَّلاَقُ بَائِنًا وَتَسْقُطُ نَفَقَةُ الْعِدَّةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْبُرْزُلِيُّ.
ب - يُرَدُّ الْعِوَضُ وَيَقَعُ الطَّلاَقُ رَجْعِيًّا وَلاَ تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ وَابْنُ عَرَفَةَ.
ج - يَقَعُ الطَّلاَقُ بَائِنًا وَلاَ تَسْقُطُ النَّفَقَةُ وَيَجْرِي مِثْل هَذَا فِيمَنْ قَصَدَ دَفْعَ الْعِوَضِ لِيَتَزَوَّجَهَا.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ أَيْضًا إِلَى جَوَازِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخُلْعَ طَلاَقٌ، سَوَاءٌ أَكَانَ بِلَفْظِ طَلاَقٍ أَمْ خُلْعٍ، فَخُلْعُ الْفُضُولِيِّ عِنْدَهُمْ بِنَاءً عَلَى هَذَا الْقَوْل كَاخْتِلاَعِ الزَّوْجَةِ لَفْظًا وَحُكْمًا، وَذَكَرُوا أَنَّ الْخُلْعَ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ ابْتِدَاءُ مُعَاوَضَةٍ فِيهَا شَوْبُ تَعْلِيقٍ، وَمِنْ جَانِبِ الأَْجْنَبِيِّ ابْتِدَاءُ مُعَاوَضَةٍ فِيهَا شَوْبُ جَعَالَةٍ، فَإِذَا قَال الزَّوْجُ لِلْفُضُولِيِّ طَلَّقْتُ امْرَأَتِي عَلَى أَلْفٍ فِي ذِمَّتِكَ فَقَبِل، أَوْ قَال الْفُضُولِيُّ لِلزَّوْجِ: طَلِّقِ امْرَأَتَكَ عَلَى أَلْفٍ فِي ذِمَّتِي فَأَجَابَ، وَقَعَ الطَّلاَقُ بَائِنًا بِالْمُسَمَّى، وَلِلزَّوْجِ أَنْ يَرْجِعَ قَبْل قَبُول الْفُضُولِيِّ نَظَرًا لِشَوْبِ التَّعْلِيقِ، وَلِلْفُضُولِيِّ أَنْ يَرْجِعَ قَبْل إِجَابَةِ الزَّوْجِ نَظَرًا لِشَوْبِ الْجَعَالَةِ.
الصفحة 250