كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 19)
وَخُلْعُ الْفُضُولِيِّ جَائِزٌ أَيْضًا عِنْدَ أَكْثَرِ الْحَنَابِلَةِ وَلاَ تَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَى قَبُول الْمَرْأَةِ فَيَكُونَ الْتِزَامُهُ لِلْمَال فِدَاءً لَهَا، كَالْتِزَامِ الْمَال لِعِتْقِ السَّيِّدِ عَبْدَهُ، وَقَدْ يَكُونُ لَهُ فِي ذَلِكَ غَرَضٌ صَحِيحٌ، كَتَخْلِيصِهَا مِمَّنْ يُسِيءُ عِشْرَتَهَا وَيَمْنَعُهَا حُقُوقَهَا.
الثَّانِي: عَدَمُ الصِّحَّةِ وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ أَبُو ثَوْرٍ وَمَنْ قَال مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِنَّ الْخُلْعَ فَسْخٌ، وَاسْتَدَل أَبُو ثَوْرٍ بِأَنَّهُ يَبْذُل عِوَضًا فِي مُقَابَلَةِ مَا لاَ مَنْفَعَةَ لَهُ فِيهِ.
وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ الْفَسْخَ بِلاَ سَبَبٍ لاَ يَنْفَرِدُ بِهِ الزَّوْجُ فَلاَ يَصِحُّ طَلَبُهُ مِنْهُ (1) .
التَّوْكِيل فِي الْخُلْعِ:
22 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ التَّوْكِيل فِي الْخُلْعِ جَائِزٌ مِنْ كُل وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ وَمِنْ أَحَدِهِمَا مُنْفَرِدًا، وَالضَّابِطُ فِيهِ أَنَّ كُل مَنْ يَصِحُّ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِالْخُلْعِ لِنَفْسِهِ جَازَ تَوْكِيلُهُ وَوَكَالَتُهُ
__________
(1) حاشية ابن عابدين 2 / 569 - ط المصرية، تبيين الحقائق 2 / 274 - ط بولاق، البحر الرائق 4 / 101 - ط الأولى العلمية، نتائج الأفكار 3 / 221 - ط الأميرية، شرح الزرقاني 4 / 64 - 65 - ط الفكر، الخرشي 4 / 12 - ط بولاق، جواهر الإكليل 1 / 330 - ط المعرفة، شرح المنهاج 3 / 321 - ط الحلبي، أسنى المطالب 3 / 260 - 261 - ط المكتبة الإسلامية، روضة الطالبين 7 / 427 - 430 - ط المكتب الإسلامي، نهاية المحتاج 6 / 409 - 412 - ط المكتبة الإسلامية، مغني المحتاج 3 / 276 - 277 - ط التراث، والمبدع 7 / 223 - ط المكتب الإسلامي، والكافي 3 / 144 - ط المكتب الإسلامي.
ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا، مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَوْ رَشِيدًا، لأَِنَّ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَجُوزُ أَنْ يُوجِبَ الْخُلْعَ، فَصَحَّ أَنْ يَكُونَ وَكِيلاً وَمُوَكِّلاً فِيهِ. وَجَاءَ فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّ تَوْكِيل الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ عَنِ الْبَالِغِ الْعَاقِل بِالْخُلْعِ صَحِيحٌ، وَذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّ وَكِيل الْمَرْأَةِ لاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سَفِيهًا حَتَّى وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْوَلِيُّ إِلاَّ إِذَا أَضَافَ الْمَال إِلَيْهَا فَتَبِينُ وَيَلْزَمُهَا؛ لأَِنَّهُ لاَ ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ.
وَلاَ يَجُوزُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَيْضًا تَوْكِيل مَحْجُورٍ عَلَيْهِ فِي قَبْضِ الْعِوَضِ فِي الْخُلْعِ فَإِنْ وَكَّلَهُ وَقَبَضَ، فَفِي التَّتِمَّةِ أَنَّ الْمُخْتَلِعَ يَبْرَأُ وَالْمُوَكِّل مُضَيِّعٌ لِمَالِهِ وَأَقَرَّهُ الشَّيْخَانِ.
وَالأَْصَحُّ: عِنْدَهُمْ أَيْضًا صِحَّةُ تَوْكِيلِهِ امْرَأَةً لِخُلْعِ زَوْجَتِهِ أَوْ طَلاَقِهَا لأَِنَّ لِلْمَرْأَةِ تَطْلِيقَ نَفْسِهَا بِقَوْلِهِ لَهَا: طَلِّقِي نَفْسَكِ، وَذَلِكَ تَمْلِيكٌ لِلطَّلاَقِ أَوْ تَوْكِيلٌ بِهِ.
وَالثَّانِي: لاَ يَصِحُّ لأَِنَّهَا لاَ تَسْتَقِل بِالطَّلاَقِ، وَلَوْ وَكَّلَتِ الزَّوْجَةُ امْرَأَةً بِاخْتِلاَعِهَا جَازَ بِلاَ خِلاَفٍ لاِسْتِقْلاَل الْمَرْأَةِ بِالاِخْتِلاَعِ.
وَذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ سِوَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّ الْوَاحِدَ لاَ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ وَكِيلاً فِي الْخُلْعِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، وَذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّ الْوَكِيل فِي الْخُلْعِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ يَتَوَلَّى طَرَفًا مِنْهُ مَعَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ وَكِيلِهِ، وَلاَ يَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ وَمُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ:
الصفحة 251