كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 19)
وَلأَِنَّنَا أُمِرْنَا بِاجْتِنَابِ الْخَمْرِ، وَفِي التَّخْلِيل اقْتِرَابٌ مِنْهَا عَلَى وَجْهِ التَّمَوُّل فَلاَ يَجُوزُ (1) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: جَازَ تَخْلِيل الْخَمْرِ، وَحَل شُرْبُ ذَلِكَ الْخَل وَأَكْلُهُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: نِعْمَ الأُْدْمُ الْخَل مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ بَيْنَ التَّخْلِيل وَالتَّخَلُّل، وَلأَِنَّ التَّخْلِيل يُزِيل الْوَصْفَ الْمُفْسِدَ، وَيَثْبُتُ وَصْفُ الصَّلاَحِيَّةِ؛ لأَِنَّ فِيهِ مَصْلَحَةَ التَّدَاوِي، وَالتَّغَذِّي وَمَصَالِحَ أُخْرَى، وَإِذَا زَال الْمُفْسِدُ الْمُوجِبُ لِلْحُرْمَةِ حَلَّتْ، كَمَا إِذَا تَخَلَّلَتْ بِنَفْسِهَا؛ وَلأَِنَّ التَّخْلِيل إِصْلاَحٌ فَجَازَ قِيَاسًا عَلَى جَوَازِ دَبْغِ الْجِلْدِ (2) ، فَقَدْ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا دُبِغَ الإِْهَابُ فَقَدْ طَهُرَ (3) وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ: (أَشْرِبَةٌ ج 5 27 - 29) (وَتَخْلِيلٌ ج 11 54) .
ثَانِيًا: أَكْل وَشُرْبُ الْخَل:
7 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي جَوَازِ أَكْل وَشُرْبِ الْخَل، سَوَاءٌ أَكَانَ مِنَ الْعِنَبِ أَمْ غَيْرِهِ، كَمَا أَنَّهُ لاَ خِلاَفَ فِي جَوَازِ أَكْل خَل الْخَمْرِ الَّتِي تَخَلَّلَتْ
__________
(1) بداية المجتهد 1 / 461، وجواهر الإكليل 1 / 9، والمجموع 1 / 225، والمغني 8 / 319، وكشاف القناع 1 / 187.
(2) فتح القدير 8 / 166، 167، والزيلعي 6 / 48، 49 وابن عابدين 1 / 209، والاختيار 4 / 101، 102، وجواهر الإكليل 1 / 9.
(3) حديث: " إذا دبغ الإهاب فقد طهر ". أخرجه مسلم (1 / 277 - ط الحلبي) من حديث عبد الله بن عباس.
بِنَفْسِهَا بِغَيْرِ عِلاَجٍ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نِعْمَ الأُْدْمُ الْخَل (1) .
وَكَمَا حَل أَكْل الْخَل حَل أَكْل دُودِهِ مَعَ الْخَل حَيًّا أَوْ مَيِّتًا، كَدُودِ الْفَاكِهَةِ مَعَهَا لِعُسْرِ تَمْيِيزِهِ عَنْهُ؛ لأَِنَّهُ كَجُزْئِهِ طَبْعًا وَطَعْمًا. أَمَّا أَكْلُهُ مُنْفَرِدًا فَحَرَامٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْفُقَهَاءُ (2)
أَمَّا إِذَا خُلِّلَتِ الْخَمْرُ بِالْعِلاَجِ بِإِلْقَاءِ الْخَل أَوِ الْمِلْحِ فِيهَا مَثَلاً، فَقَدْ سَبَقَ تَفْصِيلُهُ فِي تَخَلُّل الْخَمْرِ وَتَخْلِيلِهَا ف 6.
ثَالِثًا: الطَّهَارَةُ بِالْخَل:
8 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ إِزَالَةِ الْحَدَثِ الأَْصْغَرِ أَوِ الأَْكْبَرِ بِالْخَل وَمَاءِ الْوَرْدِ وَالْبِطِّيخِ وَالْقِثَّاءِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُعْتَصَرُ مِنْ شَجَرٍ أَوْ ثَمَرٍ؛ لأَِنَّهُ يُشْتَرَطُ لِرَفْعِ الْحَدَثِ أَنْ يَكُونَ بِمَاءٍ مُطْلَقٍ، وَالْخَل لاَ يَصْدُقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ، وَمَاءُ الْوَرْدِ وَالْبِطِّيخِ وَنَحْوِهِمَا لاَ يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَاءِ إِلاَّ بِالْقَيْدِ (3) .
__________
(1) الاختيار 4 / 101، 102، وجواهر الإكليل 1 / 9، 219، وأسنى المطالب 1 / 567، 568، ومطالب أولي النهى 5 / 250. وحديث: " نعم الأدم الخل ". سبق تخريجه ف / 1.
(2) فتح القدير مع الهداية 1 / 57، وأسنى المطالب 1 / 567، والمجموع 1 / 131، وكشاف القناع 6 / 204.
(3) فتح القدير 1 / 133، 177، وابن عابدين 1 / 23، والفتاوى الهندية 1 / 21، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 34، والمجموع للنووي 1 / 95 - 97، والمغني 1 / 9.
الصفحة 261