كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 19)

وَالْخُلُول اعْتُبِرَتْ جِنْسًا وَاحِدًا فِي الْمُعْتَمَدِ عِنْدَهُمْ.
وَعَلَى ذَلِكَ فَلاَ يَجُوزُ التَّفَاضُل وَلاَ النَّسَاءُ فِي بَيْعِ الْخُلُول وَلَوْ مِنْ أَنْوَاعٍ مُخْتَلِفَةٍ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ لأَِنَّهَا كُلُّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ، كَمَا لاَ يَجُوزُ بَيْعُهَا بِالأَْنْبِذَةِ مُتَفَاضِلَةً فِي الْمُعْتَمَدِ عِنْدَهُمْ لاِعْتِبَارِهِمْ الْخُلُول وَالأَْنْبِذَةَ جِنْسًا وَاحِدًا لِتَقَارُبِ مَنْفَعَتِهَا (1) .

خَامِسًا: الضَّمَانُ فِي غَصْبِ الْخَل وَإِتْلاَفِهِ:
10 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَى مَنْ غَصَبَ أَوْ أَتْلَفَ خَل مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ؛ لأَِنَّهُ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ طَاهِرٌ يَجُوزُ أَكْلُهُ وَاقْتِنَاؤُهُ وَالْمُعَامَلَةُ بِهِ كَمَا سَبَقَ (2) .
11 - وَلَوْ غَصَبَ خَمْرًا فَتَخَلَّلَتْ عِنْدَ الْغَاصِبِ يَجِبُ رَدُّهُ عَلَيْهِ إِلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ، عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ؛ لأَِنَّهَا صَارَتْ خَلًّا عَلَى مِلْكِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَيَدُ الْمَالِكِ لَمْ تَزُل عَنْهَا بِالْغَصْبِ، فَكَأَنَّهَا تَخَلَّلَتْ فِي يَدِ الْمَالِكِ (3) .
__________
(1) جواهر الإكليل 2 / 18، 19، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 3 / 49.
(2) ابن عابدين 5 / 114، ومغني المحتاج 2 / 285، والحطاب 5 / 280، وكشاف القناع 4 / 78.
(3) حاشية ابن عابدين مع الدر المختار 5 / 134، وجواهر الإكليل على مختصر خليل 2 / 149، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 3 / 447، ومغني المحتاج 3 / 291، ومطالب أولي النهى 4 / 5.
وَكَذَلِكَ إِذَا خَلَّلَهَا الْغَاصِبُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ (وَهُمْ يَقُولُونَ بِجَوَازِ التَّخْلِيل بِالْعِلاَجِ كَمَا سَبَقَ) ، لَكِنَّ الْحَنَفِيَّةَ قَيَّدُوا بِمَا إِذَا كَانَ التَّخْلِيل بِمَا لاَ قِيمَةَ لَهُ كَإِلْقَاءِ حِنْطَةٍ وَمِلْحٍ يَسِيرٍ، أَوْ تَشْمِيسٍ. أَمَّا لَوْ خَلَّلَهَا بِذِي قِيمَةٍ كَالْمِلْحِ الْكَثِيرِ وَالْخَل، فَالْخَل مِلْكُ الْغَاصِبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لأَِنَّ الْمِلْحَ وَالْخَل مَالٌ مُتَقَوِّمٌ وَالْخَمْرُ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ، فَيَرْجِعُ جَانِبُ الْغَاصِبِ فَيَكُونُ لَهُ بِلاَ شَيْءٍ، خِلاَفًا لأَِبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ حَيْثُ قَالاَ: يَأْخُذُهُ الْمَالِكُ إِنْ شَاءَ، وَيَرُدُّ قَدْرَ وَزْنِ الْمِلْحِ مِنَ الْخَل (1) .
وَالْقَوْل الثَّانِي لِلشَّافِعِيَّةِ: إِنَّ الْخَل لِلْغَاصِبِ مُطْلَقًا لِحُصُول الْمَالِيَّةِ عِنْدَهُ (2) .
ثُمَّ إِنَّ الْمَالِكِيَّةَ فَصَّلُوا بَيْنَ خَمْرِ الْمُسْلِمِ وَخَمْرِ الْكَافِرِ فَقَالُوا: إِذَا كَانَتِ الْخَمْرُ لِلْكَافِرِ وَتَخَلَّلَتْ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِ الْخَل وَبَيْنَ تَرْكِهِ وَأَخْذِ قِيمَتِهَا. وَإِذَا كَانَتْ لِلْمُسْلِمِ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ أَخْذُ الْخَل (3) .
12 - وَلَوْ غَصَبَ عَصِيرًا فَتَخَمَّرَ عِنْدَ الْغَاصِبِ، فَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِنَّ عَلَى الْغَاصِبِ الضَّمَانَ بِرَدِّ مِثْلِهِ؛ لأَِنَّهُ صَارَ فِي حُكْمِ التَّالِفِ لِذَهَابِ مَالِيَّتِهِ بِتَخَمُّرِهِ وَانْقِلاَبِهِ إِلَى مَا
__________
(1) حاشية ابن عابدين مع الدر 5 / 134، وجواهر الإكليل 2 / 149.
(2) مغني المحتاج 2 / 290، 291.
(3) جواهر الإكليل 2 / 149، وحاشية الدسوقي 3 / 447.

الصفحة 264