كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 19)
وَلَعَل أَصْل اسْتِعْمَال لَفْظِ الْخُلُوِّ بِهَذَا الاِصْطِلاَحِ أَنَّهُ أُطْلِقَ أَوَّلاً عَلَى خُلُوِّ الْعَقَارِ أَيْ إِفْرَاغِهِ وَالتَّخَلِّي عَنْهُ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ (1) . وَأُطْلِقَ عَلَى الْبَدَل النَّقْدِيِّ الَّذِي يَأْخُذُهُ مَالِكُ هَذَا الْحَقِّ مُقَابِل التَّخَلِّي عَنْهُ، ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى الْمَنْفَعَةِ الْمُتَخَلَّى عَنْهَا نَفْسِهَا. وَقَدْ وَقَعَ بِهَذِهِ الْمَعَانِي كُلِّهَا فِي كَلاَمِ الشَّيْخِ عُلَيْشٍ (2) .
وَقَدْ ذَكَرَ الْبُنَانِيِّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى شَرْحِ الزُّرْقَانِيِّ أَنَّ الْخُلُوَّ فِي الأَْوْقَافِ سَمَّاهُ شُيُوخُ الْمَغَارِبَةِ فِي فَاسَ بِالْجِلْسَةِ (3) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْحَكْرُ:
2 - الْحَكْرُ بِفَتْحِ الْحَاءِ قَال فِي اللِّسَانِ هُوَ ادِّخَارُ الطَّعَامِ لِلتَّرَبُّصِ. وَقَال ابْنُ سِيدَهْ: الاِحْتِكَارُ جَمْعُ الطَّعَامِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُؤْكَل وَاحْتِبَاسُهُ انْتِظَارَ وَقْتِ الْغَلاَءِ بِهِ (4) .
وَالاِحْتِكَارُ أَيْضًا، وَالاِسْتِحْكَارُ عَقْدُ إِجَارَةٍ يُقْصَدُ بِهَا اسْتِبْقَاءُ الأَْرْضِ مُقَرَّرَةً لِلْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ أَوْ أَحَدِهِمَا (5) .
__________
(1) الفتاوى الخيرية 1 / 180.
(2) انظر مثلاً: فتح العلي المالك 2 / 250.
(3) البناني على الزرقاني 6 / 128.
(4) لسان العرب.
(5) بن عابدين 55 / 20 نقلاً عن الفتاوى الخيرية. ومرشد الحيران لقدري باشا (م590) ط بولاق 1308هـ.
أَمَّا الْحِكْرُ بِكَسْرِ الْحَاءِ فَلَمْ نَجِدْهُ فِي مَعَاجِمِ اللُّغَةِ الْقَدِيمَةِ، وَفِي الْمُعْجَمِ الْوَسِيطِ هُوَ الْعَقَارُ الْمَحْبُوسُ، وَيَرِدُ فِي كَلاَمِ مُتَأَخِّرِي الْفُقَهَاءِ بِمَعْنَى الأُْجْرَةِ الْمُقَرَّرَةِ عَلَى عَقَارِ الْوَقْفِ وَنَحْوِهِ تُؤْخَذُ مِمَّنْ لَهُ فِيهِ بِنَاءٌ أَوْ غِرَاسٌ، وَإِذَا انْتَقَل الْعَقَارُ مِنْ يَدٍ إِلَى يَدٍ انْتَقَل الْحِكْرُ مَعَهُ يُدْفَعُ لِحَظِّ مُسْتَحَقِّي الْوَقْفِ.
قَال الشَّيْخُ عُلَيْشٌ: مَنِ اسْتَوْلَى عَلَى الْخُلُوِّ يَكُونُ عَلَيْهِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ أُجْرَةٌ لِلَّذِي يَئُول إِلَيْهِ الْوَقْفُ يُسَمَّى عِنْدَنَا بِمِصْرَ حِكْرًا لِئَلاَّ يَذْهَبَ الْوَقْفُ بَاطِلاً، وَلاَ يَصِحُّ الاِحْتِكَارُ إِلاَّ إِذَا كَانَ بِأُجْرَةِ الْمِثْل وَلاَ تَبْقَى عَلَى حَالٍ وَاحِدَةٍ بَل تَزِيدُ الأُْجْرَةُ وَتَنْقُصُ بِاخْتِلاَفِ الزَّمَانِ (1) .
ب - الْفَرَاغُ وَالإِْفْرَاغُ:
3 - يَظْهَرُ مِنَ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لِهَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمَا التَّنَازُل عَنْ حَقٍّ مِنْ مِثْل وَظِيفَةٍ لَهَا رَاتِبٌ مِنْ وَقْفٍ وَنَحْوِهِ (2) . أَوِ التَّنَازُل عَنِ الْخُلُوِّ مِنْ مَالِكِهِ لِغَيْرِهِ بِعِوَضٍ، فَهُوَ بَيْعٌ لِلْمَنْفَعَةِ الْمَذْكُورَةِ، إِلاَّ أَنَّهُ خُصَّ بِاسْمِ الإِْفْرَاغِ تَمْيِيزًا لَهُ عَنِ الْبَيْعِ الَّذِي يَنْصَرِفُ عَنْهُ الإِْطْلاَقُ إِلَى بَيْعِ الرَّقَبَةِ، وَلَعَلَّهُ إِنَّمَا سُمِّيَ فَرَاغًا لأَِنَّ مَالِكَهُ
__________
(1) فتح العلي المالك - فتاوى الشيخ عليش 2 / 243 القاهرة، مصطفى + الحلبي 1378هـ، وقانون العدل والإنصاف (مادة 336) وابن عابدين 4 / 18.
(2) حاشية ابن عابدين 3 / 386، و4 / 14، 5 / 18.
الصفحة 277