كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 19)

وَيُسْتَحَبُّ خِتَانُهُ فِي الصِّغَرِ إِلَى سِنِّ التَّمْيِيزِ لأَِنَّهُ أَرْفَقُ بِهِ؛ وَلأَِنَّهُ أَسْرَعُ بُرْءًا فَيَنْشَأُ عَلَى أَكْمَل الأَْحْوَال.
وَلِلشَّافِعِيَّةِ فِي تَعْيِينِ وَقْتِ الاِسْتِحْبَابِ وَجْهَانِ: الصَّحِيحُ الْمُفْتَى بِهِ أَنَّهُ يَوْمُ السَّابِعِ وَيُحْتَسَبُ يَوْمُ الْوِلاَدَةِ مَعَهُ لِحَدِيثِ جَابِرٍ: عَقَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَخَتَنَهُمَا لِسَبْعَةِ أَيَّامٍ (1) ، وَفِي مُقَابِلِهِ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الأَْكْثَرُونَ أَنَّهُ الْيَوْمُ السَّابِعُ بَعْدَ يَوْمِ الْوِلاَدَةِ. وَفِي قَوْلٍ لِلْحَنَابِلَةِ وَالْمَالِكِيَّةِ: إِنَّ الْمُسْتَحَبَّ مَا بَيْنَ الْعَامِ السَّابِعِ إِلَى الْعَاشِرِ مِنْ عُمْرِهِ؛ لأَِنَّهَا السِّنُّ الَّتِي يُؤْمَرُ فِيهَا بِالصَّلاَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ وَقْتُ الإِْثْغَارِ، إِذَا سَقَطَتْ أَسْنَانُهُ، وَالأَْشْبَهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِطَاقَةِ الصَّبِيِّ إِذْ لاَ تَقْدِيرَ فِيهِ فَيُتْرَكُ تَقْدِيرُهُ إِلَى الرَّأْيِ، وَفِي قَوْلٍ: إِنَّهُ إِذَا بَلَغَ الْعَاشِرَةَ لِزِيَادَةِ الأَْمْرِ بِالصَّلاَةِ إِذَا بَلَغَهَا. وَكَرِهَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ الْخِتَانَ يَوْمَ السَّابِعِ؛ لأَِنَّ فِيهِ تَشَبُّهًا بِالْيَهُودِ (2) .
__________
(1) حديث جابر: عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين وختنهما لسبعة أيام. أخرجه البيهقي (8 / 324 - ط دائرة المعارف العثمانية) وفي إسناده راو متكلم فيه، وقد أورد الذهبي من مناكيره هذا الحديث في الميزان (2 / 85 - ط الحلبي) .
(2) حاشية ابن عابدين 5 / 478، مواهب الجليل 3 / 258، المجموع 1 / 313، الإنصاف 1 / 124، حاشية الجمل على شرح المنهج 5 / 174، النووي على مسلم 3 / 148.
خِتَانُ مَنْ لاَ يَقْوَى عَلَى الْخِتَانِ:
7 - مَنْ كَانَ ضَعِيفَ الْخِلْقَةِ بِحَيْثُ لَوْ خُتِنَ خِيفَ عَلَيْهِ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يُخْتَنَ حَتَّى عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِوُجُوبِهِ، بَل يُؤَجَّل حَتَّى يَصِيرَ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ سَلاَمَتُهُ؛ لأَِنَّهُ لاَ تَعَبُّدَ فِيمَا يُفْضِي إِلَى التَّلَفِ؛ وَلأَِنَّ بَعْضَ الْوَاجِبَاتِ يَسْقُطُ بِخَوْفِ الْهَلاَكِ فَالسُّنَّةُ أَحْرَى، وَهَذَا عِنْدَ مَنْ يَقُول: إِنَّ الْخِتَانَ سُنَّةٌ.
وَلِلْحَنَابِلَةِ تَفْصِيلٌ فِي مَذْهَبِهِمْ، مُلَخَّصُهُ أَنَّ وُجُوبَ الْخِتَانِ يَسْقُطُ عَمَّنْ خَافَ تَلَفًا، وَلاَ يَحْرُمُ مَعَ خَوْفِ التَّلَفِ؛ لأَِنَّهُ غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ، أَمَّا مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَتْلَفُ بِهِ وَجَزَمَ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْخِتَانُ (1) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (2)

مَنْ مَاتَ غَيْرَ مَخْتُونٍ:
8 - لاَ يُخْتَنُ الْمَيِّتُ الأَْقْلَفُ الَّذِي مَاتَ غَيْرَ مَخْتُونٍ. لأَِنَّ الْخِتَانَ كَانَ تَكْلِيفًا، وَقَدْ زَال بِالْمَوْتِ؛ وَلأَِنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْخِتَانِ التَّطْهِيرُ مِنَ النَّجَاسَةِ، وَقَدْ زَالَتِ الْحَاجَةُ بِمَوْتِهِ. وَلأَِنَّهُ جُزْءٌ مِنَ الْمَيِّتِ فَلاَ يُقْطَعُ، كَيَدِهِ الْمُسْتَحَقَّةِ فِي قَطْعِ السَّرِقَةِ، أَوِ الْقِصَاصِ وَهِيَ لاَ تُقْطَعُ مِنَ الْمَيِّتِ، وَخَالَفَ الْخِتَانُ قَصَّ الشَّعْرِ وَالظُّفْرِ؛ لأَِنَّهُمَا يُزَالاَنِ فِي
__________
(1) المجموع 1 / 304، فتح القدير 1 / 43، الشرح الصغير مع حاشية الصاوي عليه 2 / 152، الخرشي على خليل 3 / 48، مطالب أولي النهى 1 / 91.
(2) سورة البقرة / 195.

الصفحة 29