كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 19)
بِدُونِ ضَرَرٍ يَلْحَقُ مَالِكَ الأَْصْل، فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَمَلُّكُهُ قَهْرًا. (1) وَقَدْ تَقَدَّمَ النَّقْل مِنْ صَاحِبِ الْفَتَاوَى الْحَامِدِيَّةِ أَنَّ الْفَتْوَى عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ الْفَرَاغُ مُقَابِل مَالٍ فِي الأَْوْقَافِ (2) .
الْقِسْمُ الثَّانِي:
الْخُلُوُّ فِي أَرَاضِي بَيْتِ الْمَال:
26 م - الأَْرَاضِي الَّتِي فُتِحَتْ عَنْوَةً وَأُبْقِيَتْ بِأَيْدِي أَرْبَابِهَا مِنْ أَهْل الأَْرْضِ بِالْخَرَاجِ هِيَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مِلْكٌ لأَِهْلِهَا يَجْرِي فِيهَا الْبَيْعُ، وَالشِّرَاءُ، وَالرَّهْنُ وَالْهِبَةُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ.
أَمَّا أَرَاضِي بَيْتِ الْمَال وَهِيَ الَّتِي آلَتْ إِلَيْهِ بِمَوْتِ أَرْبَابِهَا، أَوْ فُتِحَتْ عَنْوَةً وَأَبْقَاهَا الإِْمَامُ لِبَيْتِ الْمَال، وَهِيَ الَّتِي تُسَمَّى (أَرْضَ الْحَوْزِ) فَإِذَا دَفَعَهَا الإِْمَامُ إِلَى الرَّعِيَّةِ كَانَتْ بِأَيْدِيهِمْ وَلَيْسَ لَهُمْ بَيْعُهَا، وَلاَ اسْتِبْدَالُهَا إِلاَّ بِإِذْنِ الإِْمَامِ، وَلاَ تَكُونُ مِلْكًا لأَِحَدٍ إِلاَّ بِتَمْلِيكِ السُّلْطَانِ لَهُ. (3) ثُمَّ إِنَّ مَنْ هِيَ تَحْتَ يَدِهِ مِنَ الرَّعَايَا إِنْ تَسَلَّمَهَا بِوَجْهِ حَقٍّ فَهُوَ أَوْلَى بِهَا مِنْ غَيْرِهِ مَا دَامَ يَدْفَعُ أَجْرَ الْمِثْل، فَيَكُونُ لَهُ فِيهَا (مِشَدُّ مَسْكَةٍ) يَتَمَسَّكُ بِهَا مَا دَامَ حَيًّا فِي الْحَرْثِ وَغَيْرِهِ، وَحُكْمُهَا أَنَّهَا لاَ تُقَوَّمُ، وَلاَ تُمَلَّكُ، وَلاَ تُبَاعُ.
__________
(1) انظر القاعدة 77 من قواعد ابن رجب ص147.
(2) انظر القاعدة 77 من قواعد ابن رجب ص147.
(3) تنقيح الفتاوى الحامدية 2 / 102، 201.
وَكَذَا إِنْ أَجْرَى فِيهَا كِرَابًا أَيْ حَرْثًا، أَوْ كَرَى أَنْهَارَهَا، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يَكُنْ مَالاً وَلاَ بِمَعْنَى الْمَال، وَهُوَ مُجَرَّدُ الْفِلاَحَةِ فَلَيْسَ ذَلِكَ مُتَقَوِّمًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ؛ لأَِنَّهُ بِمَعْنَى الْوَصْفِ فَلاَ يُبَاعُ وَلاَ يُورَثُ. وَقَال بَعْضُهُمْ: يُبَاعُ حَتَّى يَزُول وُجُودُهُ مِنَ الأَْرْضِ فَتَرْجِعُ إِلَى الأَْوَّل. أَمَّا إِنْ كَانَ لَهُ كِرْدَارٌ مِنْ بِنَاءٍ أَوْ أَشْجَارٍ فَإِنَّهُ يُبَاعُ وَيُورَثُ دُونَ الأَْرْضِ، وَلَمْ يُسَمُّوهُ خُلُوًّا. وَإِنْ كَانَ الْمَالِكِيَّةُ سَمَّوْهُ خُلُوًّا أَوْ أَلْحَقُوهُ بِالْخُلُوِّ كَمَا يَأْتِي، عَلَى أَنَّهُمْ ذَكَرُوا أَنَّهُ إِنْ كَانَ لَهُ مِشَدُّ مَسْكَةٍ - وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الأَْرْضِ كِرْدَارٌ - فَلِصَاحِبِهَا تَفْوِيضُهَا لِغَيْرِهِ وَتَكُونُ فِي يَدِ الْمُفَوَّضِ إِلَيْهِ عَارِيَّةً وَالأَْوَّل أَحَقُّ بِهَا، وَلَهُ إِجَارَتُهَا، وَلَهُ أَيْضًا الْفَرَاغُ عَنْهَا لِغَيْرِهِ بِمَالٍ، جَاءَ فِي الْوَلْوَالِجِيَّة: عِمَارَةٌ فِي أَرْضِ رَجُلٍ بِيعَتْ فَإِنْ بِنَاءً أَوْ أَشْجَارًا جَازَ، وَإِنْ كِرَابًا أَوْ كَرْيَ أَنْهَارٍ لَمْ يَجُزْ، قَالُوا: وَمُفَادُهُ أَنَّ بَيْعَ الْمَسْكَةِ لاَ يَجُوزُ، وَكَذَا رَهْنُهَا، وَلِذَا جَعَلُوهُ الآْنَ (فَرَاغًا) أَيْ كَالنُّزُول عَنِ الْوَظَائِفِ بِمَالٍ. فَإِذَا فَرَغَ عَنْهَا لأَِحَدٍ لَمْ يَنْتَقِل الْحَقُّ فِيهَا إِلاَّ إِذَا اقْتَرَنَ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ. (1) عَلَى أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ مَالاً مُقَابِل الْفَرَاغِ ثُمَّ لَمْ يَأْذَنِ السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ بِنَقْلِهَا يَكُونُ لِدَافِعِ الْمَال حَقُّ الرُّجُوعِ فِيهِ. (2)
أَمَّا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: فَإِنَّ الأَْرْضَ الصَّالِحَةَ لِلزَّرْعِ، وَأَرْضَ الدُّورِ الَّتِي فُتِحَتْ عَنْوَةً فِي الشَّامِ
__________
(1) تنقيح الفتاوى الحامدية 2 / 129، 198، 199، 201.
(2) ابن عابدين 4 / 15.
الصفحة 294