كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 19)
الأَْصَحُّ فِيمَا يَبْنِيهِ فِي الأَْرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ، وَيُرْهَنُ وَيُبَاعُ. (1)
أَمَّا النُّزُول عَنِ الأَْرْضِ الْمَذْكُورَةِ مِمَّنْ هِيَ بِيَدِهِ إِلَى غَيْرِهِ مُقَابِل عِوَضٍ مَالِيٍّ فَلَمْ نَجِدْ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ تَعَرُّضًا لَهُ.
وَلَكِنَّهُمْ فِي الْمُتَحَجِّرِ قَالُوا إِنَّ الأَْصَحَّ أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ بَيْعُهُ لِمَا تَحَجَّرَهُ لأَِنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ، وَالْقَوْل الثَّانِي يَصِحُّ، وَكَأَنَّهُ يَبِيعُ حَقَّ الاِخْتِصَاصِ. قَال الْمَحَلِّيُّ: كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا، وَفِي الْمُحَرَّرِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ هَذَا الْحَقَّ. (2)
أَمَّا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ فَمَعَ أَنَّهُمْ لَمْ يُسَمُّوا مِثْل هَذَا الْحَقِّ خُلُوًّا فَقَدْ قَالُوا: إِنَّ مَنَافِعَ الأَْرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ يَجُوزُ نَقْلُهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَمَنْ نَزَل عَنْ أَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ بِيَدِهِ لِغَيْرِهِ، فَإِنَّ الْمَتْرُوكَ لَهُ أَحَقُّ بِهَا، فَيَجُوزُ نَقْلُهَا بِلاَ عِوَضٍ، وَأَجَازَ أَحْمَدُ دَفْعَهَا عِوَضًا عَمَّا تَسْتَحِقُّهُ الزَّوْجَةُ مِنَ الْمَهْرِ، وَأَمَّا الْبَيْعُ فَقَدْ كَرِهَهُ أَحْمَدُ وَنَهَى عَنْهُ. وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي بَيْعِ الْعِمَارَةِ الَّتِي فِيهَا لِئَلاَّ تُتَّخَذَ طَرِيقًا إِلَى بَيْعِ رَقَبَةِ الأَْرْضِ الَّتِي لاَ تُمْلَكُ، بَل هِيَ إِمَّا وَقْفٌ، وَإِمَّا فَيْءٌ.
وَنَصَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ عَلَى أَنَّهُ يَبِيعُ آلاَتِ عِمَارَتِهِ بِمَا تُسَاوِي أَيْ بِثَمَنِ الْمِثْل، وَكَرِهَ أَنْ يَبِيعَ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لِلْمَعْنَى الْمَذْكُورِ، وَنَقَل عَنْهُ ابْنُ هَانِئٍ: يُقَوَّمُ دُكَّانُهُ وَمَا فِيهِ وَكُل شَيْءٍ يُحْدِثُهُ فِيهِ
__________
(1) شرح المنهاج وحاشية القليوبي 3 / 99 في باب الوقف.
(2) شرح المنهاج وحاشية القليوبي 3 / 91.
فَيُعْطَى ذَلِكَ، وَلاَ أَرَى أَنْ يَبِيعَ سُكْنَى دَارٍ وَلاَ دُكَّانٍ. (1) وَبَيَّنَ ابْنُ رَجَبٍ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَحْمَدَ لِسَدِّ الذَّرِيعَةِ إِلَى بَيْعِ الأَْرْضِ نَفْسِهَا بِدَعْوَى بَيْعِ مَا فِيهَا مِنَ الْعِمَارَةِ. قَال: وَالأَْظْهَرُ أَنَّ أَحْمَدَ إِنَّمَا أَرَادَ النَّهْيَ عَنْ أَخْذِ الْعِوَضِ عَنْ رَقَبَةِ الأَْرْضِ بِهَذِهِ الْحِيلَةِ، وَبِهَذَا قَال: هَذَا خِدَاعٌ. وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ بَيْعُ آلاَتِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا. وَنُقِل عَنِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ تَجْوِيزُ بَيْعِهَا فَتَنْتَقِل بِخَرَاجِهَا بِخِلاَفِ بَيْعِ الْوَقْفِ عَلَى مُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ يُبْطِل حَقَّ الْبَطْنِ الثَّانِي. ا. هـ (2)
وَقَال فِي الإِْقْنَاعِ وَشَرْحِهِ: إِنْ آثَرَ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ بِهَا أَحَدًا بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ صَارَ الثَّانِي أَحَقَّ بِهَا. وَمَعْنَى الْبَيْعِ هُنَا بَذْلُهَا بِمَا عَلَيْهَا مِنْ خَرَاجٍ إِنْ مَنَعْنَا بَيْعَهَا الْحَقِيقِيَّ كَمَا هُوَ الْمَذْهَبُ، لأَِنَّ عُمَرَ وَقَفَهَا وَالْوَقْفُ لاَ يُبَاعُ. (3)
كَيْفِيَّةُ تَوَارُثِ الْخُلُوِّ فِي أَرَاضِي بَيْتِ الْمَال:
27 - إِذَا مَاتَ مَنْ بِيَدِهِ شَيْءٌ مِنَ الأَْرَاضِي
__________
(1) مطالب أولي النهى 4 / 191 وقواعد ابن رجب القاعدة 87 ص200 وكشاف القناع باب الأرضين المغنومة 3 / 99، وانظر، الاستخراج لأحكام الخراج لابن رجب ص76، وما بعدها فقد أطال في ذلك وذكر عن أحمد روايات ونقل فتيا للشيخ ابن تيمية وذكر تأويلات مختلفة لما رُوي عن أحمد بهذا الصدد.
(2) الاستخراج لأحكام الخراج لابن رجب ص77، 78، والقواعد لابن رجب أيضًا القاعدة 87 ص199، 200.
(3) كشاف القناع 3 / 99.
الصفحة 296