كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 19)

فَفِي الْمِلْكِ أَوْلَى لأَِنَّ الْمَالِكَ يَفْعَل فِي مِلْكِهِ مَا يَشَاءُ. لَكِنَّ بَعْضَ الْجَدَكَاتِ بِنَاءٌ، أَوْ إِصْلاَحُ أَخْشَابٍ فِي الْحَانُوتِ مَثَلاً بِإِذْنٍ، وَهَذَا قِيَاسُهُ عَلَى الْخُلُوِّ ظَاهِرٌ خُصُوصًا وَقَدِ اسْتَنَدُوا فِي تَأْبِيدِ الْحَكْرِ لِلْعُرْفِ، وَالْعُرْفُ حَاصِلٌ فِي الْجَدَكِ. وَالْبَعْضُ الآْخَرُ مِنَ الْجَدَكَاتِ وَضْعُ أَشْيَاءَ مُسْتَقِلَّةٍ فِي الْمَحَل (أَيْ مُنْفَصِلَةٍ) غَيْرِ مُسَمَّرَةٍ فِيهِ كَمَا يَقَعُ فِي الْحَمَّامَاتِ، وَحَوَانِيتِ الْقَهْوَةِ بِمِصْرَ، فَهَذِهِ بَعِيدَةٌ عَنِ الْخُلُوَّاتِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ لِلْمَالِكِ إِخْرَاجَهَا. ا. هـ.
وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَعْنِي بِقَوْلِهِ: " إِنَّ الْخُلُوَّ إِذَا صَحَّ فِي الْوَقْفِ فَفِي الْمِلْكِ أَوْلَى "، أَنْ يَتَعَاقَدَ الْمَالِكُ وَمُسْتَأْجِرُ الْحَانُوتِ عَلَى إِنْشَاءِ الْخُلُوِّ وَتَأْبِيدِهِ لاَ إِنْ حَصَل ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ الإِْذْنِ وَيُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ (لأَِنَّ الْمَالِكَ يَفْعَل فِي مِلْكِهِ مَا يَشَاءُ) . (1)
وَكَذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ الَّذِينَ أَجَازُوا بَيْعَ الْمَنْفَعَةِ يَجُوزُ عِنْدَهُمْ عَلَى مَا خَرَّجَهُ الْبُهُوتِيُّ إِنْشَاءُ الْخُلُوِّ بِمَالٍ يُدْفَعُ إِلَى نَاظِرِ الْوَقْفِ بِشُرُوطِهِ كَمَا تَقَدَّمَ. (2)
أَخْذُ الْمُسْتَأْجِرِ بَدَل الْخُلُوِّ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ لاَحِقٍ:
30 - يَدُورُ حُكْمُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ الأَْوَّل إِنْ كَانَ يَمْلِكُ الْمَنْفَعَةَ إِلَى مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ بِإِجَارَةٍ صَحِيحَةٍ مَعَ الْمَالِكِ، أَوْ نَاظِرِ الْوَقْفِ،
__________
(1) فتاوى الشيخ عليش 2 / 252.
(2) مطالب أولي النهى 4 / 370.
فَتَخَلَّى عَنِ الْحَانُوتِ أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ لِمُسْتَأْجِرٍ آخَرَ يَحِل مَحَلَّهُ وَأَخَذَ عَلَى ذَلِكَ عِوَضًا مِنَ الْمُسْتَأْجِرِ الَّذِي يَحِل مَحَلَّهُ جَازَ ذَلِكَ، وَمِنْ شَرْطِ ذَلِكَ فِي حَوَانِيتِ الْوَقْفِ أَنْ تَكُونَ الإِْجَارَةُ بِأَجْرِ الْمِثْل، قَال الشَّيْخُ عُلَيْشٌ فِي فَتَاوِيهِ: إِنَّ حَوَانِيتَ الأَْوْقَافِ بِمِصْرَ جَرَتْ عَادَةُ سُكَّانِهَا أَنَّهُ إِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمُ الْخُرُوجَ مِنَ الدُّكَّانِ أَخَذَ مِنَ الآْخَرِ مَالاً عَلَى أَنْ يَنْتَفِعَ بِالسُّكْنَى فِيهِ، وَيُسَمُّونَهُ خُلُوًّا وَجَدَكًا، وَيَتَدَاوَلُونَ ذَلِكَ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، وَلَيْسَ يَعُودُ عَلَى تِلْكَ الأَْوْقَافِ نَفْعٌ أَصْلاً غَيْرَ أُجْرَةِ الْحَانُوتِ، بَل الْغَالِبُ أَنَّ أُجْرَةَ الْحَانُوتِ أَقَل مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْل بِسَبَبِ مَا دَفَعَهُ الآْخِذُ مِنْ مَالٍ. ثُمَّ قَال: وَالَّذِي يَدُورُ عَلَيْهِ الْجَوَابُ فِي ذَلِكَ أَنَّ السَّاكِنَ الَّذِي أَخَذَ الْخُلُوَّ إِنْ كَانَ يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ الْحَانُوتِ مُدَّةً فَأَسْكَنَهَا غَيْرَهُ وَأَخَذَ عَلَى ذَلِكَ مَالاً فَإِنْ كَانَ الآْخِذُ بِيَدِهِ إِجَارَةٌ صَحِيحَةٌ مِنَ النَّاظِرِ أَوِ الْوَكِيل بِشُرُوطِهَا بِأُجْرَةِ الْمِثْل فَهُوَ سَائِغٌ لَهُ الأَْخْذُ عَلَى تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي يَمْلِكُهَا، وَلاَ ضَرَرَ عَلَى الْوَقْفِ لِصُدُورِ الأُْجْرَةِ مُوَافَقَةً لأُِجْرَةِ الْمِثْل. وَأَمَّا إِنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لِلْمَنْفَعَةِ بِإِجَارَةٍ صَحِيحَةٍ فَلاَ عِبْرَةَ بِخُلُوِّهِ وَيُؤَجِّرُهُ النَّاظِرُ لِمَنْ يَشَاءُ بِأُجْرَةِ الْمِثْل. وَيَرْجِعُ دَافِعُ الدَّرَاهِمِ عَلَى مَنْ دَفَعَهَا لَهُ. ا. هـ (1)
وَأَمَّا بَعْدَ انْتِهَاءِ مُدَّةِ عَقْدِ الإِْجَارَةِ فَالْمَالِكُ
__________
(1) فتاوى الشيخ عليش 2 / 250.

الصفحة 300