كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 20)

مَبِيعٌ لِمُقَابَلَتِهِ بِقِسْطٍ مِنَ الثَّمَنِ، كَمَا لَوْ بِيعَ مَعَهُ بَعْدَ الاِنْفِصَال لاَ كَالزَّوَائِدِ (1) . أَمَّا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ فَالزَّوَائِدُ لِلْمُشْتَرِي أَيْضًا، وَيَشْتَمِل ذَلِكَ عَلَى الْمُتَّصِلَةِ وَالْمُنْفَصِلَةِ كَالْكَسْبِ وَالأُْجْرَةِ بَل لَوْ كَانَتْ نَمَاءً مُنْفَصِلاً مُتَوَلِّدًا مِنْ عَيْنِ الْمَبِيعِ كَالثَّمَرَةِ وَالْوَلَدِ وَاللَّبَنِ، وَالْحُكْمُ كَذَلِكَ وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْل الْقَبْضِ (وَفِي هَذِهِ الْحَال تُعْتَبَرُ الزَّوَائِدُ أَمَانَةً عِنْدَ الْبَائِعِ فَلاَ يَضْمَنُهَا لِلْمُشْتَرِي إِنْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ تَعَدٍّ وَلاَ تَفْرِيطٍ خِلاَفًا لِحُكْمِ الْمَبِيعِ نَفْسِهِ فَهُوَ مَضْمُونٌ قَبْل قَبْضِهِ) وَسَوَاءٌ تَمَخَّضَ الْخِيَارُ عَنْ إِمْضَاءِ الْعَقْدِ أَوْ فَسْخِهِ.
وَقَدِ اسْتَدَل ابْنُ قُدَامَةَ لِلْمَذْهَبِ بِحَدِيثِ: الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ (2) . وَهَذَا مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي، وَاسْتَدَل لَهُ أَيْضًا بِانْتِقَال الْمِلْكِ إِلَى الْمُشْتَرِي، أَيْ فَهِيَ تَتْبَعُهُ فِي الاِنْتِقَال (3) .

رَابِعًا: أَثَرُ الْخِيَارِ عَلَى تَسْلِيمِ الْبَدَلَيْنِ
38 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَجِبُ تَسْلِيمُ الْبَدَلَيْنِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فِي حَال الإِْطْلاَقِ وَعَدَمِ
__________
(1) شرح الروض 2 / 53.
(2) حديث: " الخراج بالضمان "، أخرجه أبو داود (3 / 780 - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث عائشة، وصححه ابن القطان كما في التلخيص الحبير لابن حجر (3 / 22 - ط. شركة الطباعة الفنية) .
(3) كشاف القناع 3 / 207 - 208، والمغني لابن قدامة 4 / 37، والشرح الكبير على المقنع 4 / 71.
اشْتِرَاطِ التَّسْلِيمِ، فَلَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَى الْبَائِعِ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ ابْتِدَاءً، وَلاَ يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي تَسْلِيمُ الثَّمَنِ ابْتِدَاءً لاِحْتِمَال الْفَسْخِ مَا لَمْ تَمْضِ مُدَّةُ الْخِيَارِ، أَوْ يُسْقِطُ صَاحِبُ الْخِيَارِ خِيَارَهُ (1) .
أَمَّا التَّسْلِيمُ لِلثَّمَنِ أَوِ الْمَبِيعِ اخْتِيَارًا وَطَوَاعِيَةً فَلاَ مَانِعَ مِنْهُ عِنْدَهُمْ أَيْ لاَ يَبْطُل الْخِيَارُ (2) ، فَإِذَا بَادَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا إِلَى تَسْلِيمِ مَا بِيَدِهِ - فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ - فَهُوَ جَائِزٌ، لأَِيٍّ مِنْهُمَا كَانَ الْخِيَارُ، وَلاَ أَثَرَ لِلتَّسْلِيمِ عَلَى الْخِيَارِ فَنَقْدُ الثَّمَنِ لِلْبَائِعِ أَوْ دَفْعُ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي لاَ يُبْطِل الْخِيَارَ شَرِيطَةَ أَنْ يَكُونَ تَسْلِيمُ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى وَجْهِ الاِخْتِبَارِ وَالنَّظَرِ فِي صُلُوحِهِ أَوْ عَدَمِهِ، أَمَّا إِنْ سَلَّمَهُ الْمَبِيعَ عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ - وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ - فَإِنَّ خِيَارَهُ يَبْطُلُ، (3) .
وَإِذَا سَلَّمَ أَحَدُهُمَا تَطَوُّعًا فَامْتَنَعَ الآْخَرُ فَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ الْفُقَهَاءُ، فَأَبُو حَنِيفَةَ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ لاَ يُجْبَرُ الآْخَرُ عَلَى التَّسْلِيمِ أَيًّا كَانَ صَاحِبُ الْخِيَارِ وَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ. وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ عَدَمُ إِجْبَارِ الآْخَرِ أَيْضًا وَهُمْ يَقُولُونَ: بِأَنَّ لِمَنْ سَلَّمَ
__________
(1) فتح القدير 5 / 499، والهندية 3 / 42، والبحر الرائق 6 / 15، والمغني 3 / 518.
(2) الدسوقي 3 / 94، 96، والمجموع 9 / 221 - 223، شرح الروض 2 / 54، والبحر الرائق 6 / 54، المجموع 9 / 223.
(3) فتاوى قاضيخان 2 / 179، والبحر الرائق 6 / 10، نقلا عن جامع الفصولين 1 / 244.

الصفحة 102