كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 20)

قَال: هَوِيتُ أَخْذَهُ، أَوْ أَحْبَبْتُ، أَوْ أَعْجَبَنِي، أَوْ وَافَقَنِي لاَ يَبْطُل خِيَارُهُ (1) .
أَمَّا الدَّلاَلَةُ فَهِيَ أَنْ يَتَصَرَّفَ صَاحِبُ الْخِيَارِ فِي مَحَل الْخِيَارِ تَصَرُّفَ الْمُلاَّكِ، كَالْبَيْعِ، وَالْمُسَاوَمَةِ، وَالإِْجَارَةِ، وَالْهِبَةِ، وَالرَّهْنِ، سَلَّمَ أَوْ لَمْ يُسَلِّمْ. لأَِنَّ جَوَازَ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ يَعْتَمِدُ الْمِلْكَ، فَالإِْقْدَامُ عَلَيْهَا يَكُونُ دَلِيل قَصْدِ التَّمَلُّكِ، أَوْ تَقَرُّرِ الْمِلْكِ - عَلَى اخْتِلاَفِ الأَْصْلَيْنِ - وَذَلِكَ دَلِيل الإِْمْضَاءِ (2) . هَذَا إِذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَإِذَا كَانَ لِلْبَائِعِ فَالدَّلاَلَةُ عَلَى الإِْمْضَاءِ فِي حَقِّهِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي الثَّمَنِ بَعْدَ قَبْضِهِ بِالْبَيْعِ أَوْ نَحْوِهِ، إِذَا كَانَ الثَّمَنُ مِمَّا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ.
هَذَا وَلاَ يُشْتَرَطُ بَقَاءُ الْمَحَل لِلإِْجَازَةِ، ذَلِكَ أَنَّهُ فِي الإِْجَازَةِ يَثْبُتُ الْحُكْمُ بِطَرِيقِ الظُّهُورِ الْمَحْضِ، وَلَيْسَ الإِْنْشَاءِ، فَبِالإِْجَازَةِ يَظْهَرُ أَنَّ الْعَقْدَ مِنْ وَقْتِ وُجُودِهِ انْعَقَدَ فِي حَقِّ الْحُكْمِ، وَالْمَحَل كَانَ قَابِلاً وَقْتَ الْعَقْدِ فَهَلاَكُهُ بَعْدَ ذَلِكَ لاَ يَمْنَعُ الإِْجَازَةَ (3) .
كَمَا لاَ يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْعَاقِدِ الآْخَرِ بِالإِْجَازَةِ (4) . فَلَوْ أَجَازَ الْعَقْدَ فَإِنَّهُ لاَزِمٌ مُنْذُ
__________
(1) الهندية، نقلا عن البحر الرائق، (3 / 42) وهو في البحر (6 / 20) منقولا عن جامع الفصولين.
(2) البدائع 5 / 268.
(3) البدائع 5 / 264.
(4) الهداية وفتح القدير 5 / 120.
الإِْجَازَةِ سَوَاءٌ أَبْلَغَ الْعَاقِدُ الآْخَرَ ذَلِكَ أَمْ لاَ.
وَنَحْوُ هَذَا التَّقْسِيمِ جَاءَ فِي الْمَذَاهِبِ الأُْخْرَى (1) .

إِنْهَاءُ الْخِيَارِ بِعِوَضٍ:
50 - جَاءَ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ أَنَّهُ لَوْ صَالَحَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ صَاحِبَ الْخِيَارِ عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ، أَوْ عَلَى عَرَضٍ بِعَيْنِهِ عَلَى أَنْ يُسْقِطَ الْخِيَارَ وَيُمْضِيَ الْبَيْعَ جَازَ ذَلِكَ وَيَكُونُ زِيَادَةً فِي الثَّمَنِ. وَكَذَا لَوْ كَانَ صَاحِبُ الْخِيَارِ هُوَ الْمُشْتَرِي فَصَالَحَهُ الْبَائِعُ عَلَى أَنْ يُسْقِطَ الْخِيَارَ فَيَحُطَّ عَنْهُ مِنَ الثَّمَنِ كَذَا أَوْ يَزِيدَهُ هَذَا الْعَرَضَ بِعَيْنِهِ فِي الْبَيْعِ جَازَ ذَلِكَ أَيْضًا (2) .

ثَانِيًا - انْتِهَاءُ الْخِيَارِ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ:
51 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ - فِي الْجُمْلَةِ - عَلَى أَنَّ مُضِيَّ الْمُدَّةِ يَنْتَهِي بِهِ خِيَارُ الشَّرْطِ، ذَلِكَ لأَِنَّهُ خِيَارٌ مُؤَقَّتٌ بِمُدَّةٍ (سَوَاءٌ أَكَانَتْ بِتَحْدِيدِ الْعَاقِدِ، أَمْ بِتَقْدِيرِ الشَّارِعِ فِي حَال الإِْطْلاَقِ) ، فَإِذَا انْقَضَتِ الْمُدَّةُ الَّتِي وُقِّتَ بِهَا الْخِيَارُ فَمِنَ الْبَدَهِيِّ أَنْ يَنْتَهِيَ بِمُضِيِّهَا " لأَِنَّ الْمُؤَقَّتَ إِلَى غَايَةٍ يَنْتَهِي عِنْدَ وُجُودِ الْغَايَةِ ". (3) وَاشْتِرَاطُ الْخِيَارِ فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ مَنَعَ
__________
(1) الشرح الصغير 3 / 142، مغني المحتاج 2 / 49، كشاف القناع 3 / 207.
(2) الفتاوى الهندية 3 / 45.
(3) فتح القدير 5 / 268، البدائع 5 / 267، وحاشية القليوبي على شرح المنهج 2 / 195.

الصفحة 106