كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 20)

لأَِحَدِ شِطْرَيِ الْعَقْدِ عَلَى الآْخَرِ (1) .
3 - أَنْ لاَ يَنْشَأَ عَنِ الْفَسْخِ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ، أَيْ أَنْ يَقَعَ الْفَسْخُ عَلَى جَمِيعِ الصَّفْقَةِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُمْضِيَ الْعَقْدَ فِي بَعْضِ الصَّفْقَةِ وَيَفْسَخَ فِي بَعْضِهَا الآْخَرِ، لأَِنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى تَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ.
وَمِثْل ذَلِكَ يُقَال فِي الإِْجَازَةِ فِي الْبَعْضِ، فَيَنْشَأُ عَنْهُ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ فِي اللُّزُومِ وَهُوَ لاَ يَجُوزُ إِلاَّ بِرِضَاهُمَا.
وَالْمَالِكِيَّةُ يُجْبِرُونَ الْعَاقِدَ عَلَى رَدِّ الْجَمِيعِ إِنْ أَجَازَ الْعَقْدَ فِي الْبَعْضِ وَرَدَّ الْبَعْضَ حَيْثُ لَمْ يَرْضَ الْعَاقِدُ الشَّرِكَةَ، وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ أَرَادَ الْفَسْخَ فِي أَحَدِ الشَّيْئَيْنِ اللَّذَيْنِ فِيهِمَا الْخِيَارُ فَالأَْصَحُّ لاَ يَجُوزُ لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، أَمَّا لَوِ اشْتَرَى اثْنَانِ شَيْئًا مِنْ وَاحِدٍ صَفْقَةً وَاحِدَةً بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَلأَِحَدِهِمَا الْفَسْخُ فِي نَصِيبِهِ (2) .
الأَْدِلَّةُ: لِكُلٍّ مِنَ الْقَائِلِينَ بِاشْتِرَاطِ عِلْمِ الْعَاقِدِ الآْخَرِ أَوْ عَدَمِ اشْتِرَاطِهِ أَدِلَّةٌ تَدُورُ بَيْنَ وُجُوهٍ مِنَ الْمَعْقُول وَالاِسْتِشْهَادِ بِالنَّظَائِرِ الْفِقْهِيَّةِ.
__________
(1) الشرح الكبير على المقنع 4 / 69، والمجموع 9 / 200، والخرشي 5 / 120، وفتح القدير 5 / 122.
(2) البدائع 5 / 264 و 273، وفيه تعليل جيد للمنع، وتصريح بجواز هذا التفريق في المثليات، الدسوقي على الشرح الكبير 3 / 102، وتذكرة الفقهاء 1 / 522، والمجموع 9 / 193.
انْتِقَال خِيَارِ الشَّرْطِ:
أَوَّلاً - انْتِقَال الْخِيَارِ بِالْمَوْتِ:
54 - ذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ يَنْتَقِل إِلَى الْوَارِثِ بِمَوْتِ الْمَوْرُوثِ، وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ وَجْهًا بِإِرْثِ خِيَارِ الشَّرْطِ مُطْلَقًا.
وَقَدْ عَلَّل الْقَائِلُونَ بِانْتِقَال الْخِيَارِ لِلْوَارِثِ بِاعْتِبَارِ الْخِيَارِ مِنْ مُشْتَمِلاَتِ التَّرِكَةِ؛ لأَِنَّهُ حَقٌّ ثَابِتٌ لإِِصْلاَحِ الْمَال، كَالرَّهْنِ وَحَبْسِ الْمَبِيعِ عَلَى تَحْصِيل الثَّمَنِ. وَاسْتَدَلُّوا بِأَدِلَّةٍ مِنَ السُّنَّةِ وَالْمَعْقُول. فَمِنَ السُّنَّةِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ تَرَكَ مَالاً أَوْ حَقًّا فَلِوَرَثَتِهِ (1) ، وَخِيَارُ الشَّرْطِ حَقٌّ لِلْمَوْرُوثِ فَيَنْتَقِل إِلَى الْوَارِثِ بِمَوْتِهِ كَمَا يَقْضِي الْحَدِيثُ.
ثُمَّ قَاسُوا خِيَارَ الشَّرْطِ عَلَى خِيَارَيِ الْعَيْبِ وَالتَّعْيِينِ الْمُتَّفَقِ عَلَى انْتِقَالِهِمَا لِلْوَارِثِ بِالْمَوْتِ، بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْ تِلْكَ الْخِيَارَاتِ يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ فَيَنْتَقِل إِلَى الْوَارِثِ بِمُجَرَّدِ انْتِقَالِهَا.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ لاَ يُورَثُ، وَمِنْ عِبَارَاتِهِمْ فِي تَقْرِيرِ ذَلِكَ قَوْل الزَّيْلَعِيِّ: الْخِيَارُ صِفَةٌ لِلْمَيِّتِ، لأَِنَّهُ لَيْسَ هُوَ إِلاَّ مَشِيئَةً وَإِرَادَةً فَلاَ يَنْتَقِل عَنْهُ كَسَائِرِ أَوْصَافِهِ.
__________
(1) حديث: " من ترك مالا أو حقا فلورثته " أورده العيني (البناية 6 / 283) عند مناقشته أدلة القائلين بانتقال الخيار ولم نعثر على تخريج للرواية المشتملة على كلمة (حقا) فيما لدينا من كتب السنن والآثار، وأما قوله: " من ترك مالا فلورثته " فأخرجه البخاري (12 / 9 - ط. السلفية) ، ومسلم (3 / 1237 - ط. الحلبي) من حديث أبي هريرة.

الصفحة 110