كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 20)
خِيَارُ الْعَيْبِ
التَّعْرِيفُ:
1 - (خِيَارُ الْعَيْبِ) (1) مُرَكَّبٌ إِضَافِيٌّ مِنَ الْكَلِمَتَيْنِ (خِيَارٌ) (وَعَيْبٌ) . أَمَّا كَلِمَةُ " خِيَارٌ " فَقَدْ سَبَقَ عِنْدَ تَعْرِيفِ الْخِيَارِ بِوَجْهٍ عَامٍّ بَيَانُ مَعْنَاهَا اللُّغَوِيِّ وَالاِصْطِلاَحِيِّ أَيْضًا.
أَمَّا كَلِمَةُ عَيْبٍ، فَهِيَ فِي اللُّغَةِ مَصْدَرُ الْفِعْل عَابَ، يُقَال: عَابَ الْمَتَاعَ يَعِيبُ عَيْبًا: أَيْ صَارَ ذَا عَيْبٍ، وَجَمْعُهُ عُيُوبٌ وَأَعْيَابٌ. قَال الْفَيُّومِيُّ: اسْتُعْمِل الْعَيْبُ اسْمًا وَجُمِعَ عَلَى عُيُوبٍ. وَالْمَعِيبُ مَكَانُ الْعَيْبِ وَزَمَانُهُ (2) .
وَأَمَّا فِي الاِصْطِلاَحِ فَلِلْفُقَهَاءِ تَعَارِيفُ مُتَعَدِّدَةٌ لِلْعَيْبِ، مِنْهَا: مَا عَرَّفَهُ بِهِ ابْنُ نُجَيْمٍ وَابْنُ الْهُمَامِ بِأَنَّهُ: مَا يَخْلُو عَنْهُ أَصْل الْفِطْرَةِ السَّلِيمَةِ مِمَّا يُعَدُّ بِهِ نَاقِصًا (3) . وَعَرَّفَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّهُ: مَا نَقَصَ عَنِ
__________
(1) هذه التسمية خاصة بالجمهور، ويسمى عند المالكية خيار النقيصة في الغالب.
(2) القاموس المحيط، وتاج العروس، والمصباح المنير، والمعجم الوسيط، ولسان العرب، 2 / 124 - 125، كلها مادة: (عيب) .
(3) حدود الفقه لابن نجيم، من مجموعة رسائله المطبوعة عقب الأشباه 1 / 327، فتح القدير 5 / 151
الْخِلْقَةِ الطَّبِيعِيَّةِ أَوْ عَنِ الْخَلْقِ الشَّرْعِيِّ نُقْصَانًا لَهُ تَأْثِيرٌ فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ (1) .
وَعَرَّفَهُ الْغَزَالِيُّ بِأَنَّهُ: كُل وَصْفٍ مَذْمُومٍ اقْتَضَى الْعُرْفُ سَلاَمَةَ الْمَبِيعِ عَنْهُ غَالِبًا (2) .
مَشْرُوعِيَّةُ خِيَارِ الْعَيْبِ:
2 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فِي الْجُمْلَةِ.
وَاسْتَدَلُّوا بِأَدِلَّةٍ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْقِيَاسِ: فَمِنَ الْكِتَابِ: اسْتَدَلُّوا بِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (3) وَالْوَجْهُ فِي الاِسْتِدْلاَل أَنَّ الْعِلْمَ بِالْعَيْبِ فِي الْمَبِيعِ مُنَافٍ لِلرِّضَا الْمَشْرُوطِ فِي الْعُقُودِ، فَالْعَقْدُ الْمُلْتَبِسُ بِالْعَيْبِ تِجَارَةٌ عَنْ غَيْرِ تَرَاضٍ (4) .
فَالآْيَةُ تَدُل عَلَى أَنَّ الْعَاقِدَ لاَ يَلْزَمُهُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ الْمَعِيبُ، بَل لَهُ رَدُّهُ وَالاِعْتِرَاضُ، بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ طَرِيقَةِ الرَّدِّ وَالإِْصْلاَحِ لِذَلِكَ الْخَلَل فِي تَكَافُؤِ الْمُبَادَلَةِ (5) .
وَمِنَ السُّنَّةِ: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَجُلاً ابْتَاعَ غُلاَمًا، فَاسْتَغَلَّهُ، ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَرَدَّهُ بِالْعَيْبِ، فَقَال الْبَائِعُ: غَلَّةُ عَبْدِي، فَقَال
__________
(1) بداية المجتهد 2 / 173.
(2) الوجيز 2 / 142.
(3) سورة النساء / 29.
(4) الإيضاح للشماخي 3 / 131.
(5) بداية المجتهد 2 / 173.
الصفحة 113