كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 20)

النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْغَلَّةُ بِالضَّمَانِ وَفِي رِوَايَةٍ: الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ (1) . وَاسْتَدَل الْكَاسَانِيُّ بِحَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ خِيَارِ الْعَيْبِ (2) .
وَاسْتَدَلُّوا بِالْقِيَاسِ عَلَى الْخِيَارِ فِي الْمُصَرَّاةِ، وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا عَدَمُ حُصُول الْمَبِيعِ السَّلِيمِ، لأَِنَّهُ بَذَل الثَّمَنَ لِيُسَلَّمَ لَهُ مَبِيعٌ سَلِيمٌ وَلَمْ يُسَلَّمْ لَهُ ذَلِكَ (3) .
قَال ابْنُ قُدَامَةَ: إِثْبَاتُ النَّبِيِّ الْخِيَارَ بِالتَّصْرِيَةِ تَنْبِيهٌ عَلَى ثُبُوتِهِ بِالْعَيْبِ (4) .

وُجُوبُ الإِْعْلاَمِ بِالْعَيْبِ، وَأَدِلَّتُهُ:
3 - وُجُوبُهُ عَلَى الْعَاقِدِ:
ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ عَلَى الْبَائِعِ إِعْلاَمَ الْمُشْتَرِي بِالْعَيْبِ الَّذِي فِي مَبِيعِهِ، وَذَلِكَ فِيمَا يَثْبُتُ فِيهِ خِيَارٌ، أَمَّا إِنْ لَمْ يَكُنْ مُسَبِّبًا لِلْخِيَارِ فَتَرْكُ التَّعَرُّضِ لَهُ لَيْسَ مِنَ التَّدْلِيسِ الْمُحَرَّمِ كَمَا قَال إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَقَدْ صَرَّحَ هَؤُلاَءِ بِأَنَّ
__________
(1) حديث عائشة: أخرجه أحمد (6 / 80 ط. الميمنية) ، وأخرج اللفظ الثاني أبو داود (3 / 780 - تحقيق عزت عبيد دعاس) ، وصححه ابن القطان كما في التلخيص الحبير (3 / 22 - ط. شركة الطباعة الفنية.
(2) بدائع الصنائع 5 / 274، وحديث المصراة أخرجه مسلم (3 / 1158 - ط. الحلبي) من حديث أبي هريرة، ونصه: " من اشترى شاة مصراة، فهو فيها بالخيار ثلاثة أيام، إن شاء أمسكها وإن شاء ردها، ورده معها صاعًا من تمر ".
(3) تكملة المجموع للتقي السبكي 12 / 116 - 117.
(4) المغني 4 / 109 م 2999.
الإِْعْلاَمَ بِالْعَيْبِ مَطْلُوبٌ عَلَى سَبِيل الْوُجُوبِ، فَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْهُ فَهُوَ آثِمٌ عَاصٍ، وَلاَ خِلاَفَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ - عَلَى مَا ذَكَرَ ابْنُ قُدَامَةَ وَالسُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُمَا - (1) وَجَعَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ الْجَدُّ مِنْ أَكْل الْمَال بِالْبَاطِل وَتَحْرِيمُهُ مَعْرُوفٌ (2) .
وَدَل عَلَى هَذَا عِدَّةُ أَحَادِيثَ، مِنْهَا:
حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، وَلاَ يَحِل لِمُسْلِمٍ بَاعَ مِنْ أَخِيهِ بَيْعًا وَفِيهِ عَيْبٌ إِلاَّ بَيَّنَهُ لَهُ (3) .
وَعَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَْسْقَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ يَحِل لأَِحَدٍ يَبِيعُ شَيْئًا إِلاَّ يُبَيِّنُ مَا فِيهِ، وَلاَ يَحِل لِمَنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ إِلاَّ بَيَّنَهُ (4) .
وَهُنَاكَ أَحَادِيثُ أُخْرَى تَشْهَدُ لِلْمَعْنَى السَّابِقِ
__________
(1) رد المحتار 5 / 47، المغني 4 / 109 م 2998، تكملة المجموع 12 / 110، 112.
(2) المقدمات ص / 569، الدسوقي 3 / 119، معالم القربة في الحسبة لابن الأخوة 113، 135، 153، الدرر البهية للشوكاني 2 / 119، كفاية الطالب 2 / 121.
(3) حديث عقبة بن عامر: " المسلم أخو المسلم " أخرجه ابن ماجه (2 / 755 - ط. الحلبي) ، والحاكم (2 / 8 - ط. دائرة المعارف العثمانية) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
(4) حديث واثلة: " لا يحل لأحد يبيع شيئًا إلا يبين ما فيه " أخرجه أحمد (3 / 491 - ط. الميمنية) ، وقال الشوكاني: " في إسناده أبو جعفر الرازي وأبو سباع، والأول مختلف فيه، والثاني قيل إنه مجهول "، كذا في نيل الأوطار (5 / 239 - ط. الحلبي) .

الصفحة 114