كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 20)
غَرَضٍ صَحِيحٍ هُوَ لِلاِحْتِرَازِ عَنِ النَّقْصِ الْيَسِيرِ فِي فَخِذِ شَاةٍ أَوْ سَاقِهَا بِشَكْلٍ لاَ يُورِثُ شَيْئًا، وَلاَ يَفُوتُ بِهِ غَرَضُ صِحَّةِ الأُْضْحِيَّةِ، بِخِلاَفِ مَا لَوْ قُطِعَ مِنْ أُذُنِهَا مَا يَمْنَعُ التَّضْحِيَةَ بِهَا.
وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ أَنَّ نَقْصَ الْعَيْنِ وَحْدَهُ كَافٍ وَلَوْ لَمْ تَنْقُصْ بِهِ الْقِيمَةُ، بَل زَادَتْ، وَبِالْمُقَابِل إِنَّ مِنَ الْعَيْبِ نَقْصَ الْقِيمَةِ (أَوِ الْمَالِيَّةِ بِعِبَارَةِ ابْنِ قُدَامَةَ) عَادَةً فِي عُرْفِ التُّجَّارِ وَإِنْ لَمْ تَنْقُصْ عَيْنُهُ، عَلَى أَنْ تَكُونَ تِلْكَ نَقِيصَةً يَقْتَضِي الْعُرْفُ سَلاَمَةَ الْمَبِيعِ عَنْهَا غَالِبًا، لأَِنَّ الْمَبِيعَ إِنَّمَا صَارَ مَحَلًّا لِلْعَقْدِ بِاعْتِبَارِ صِفَةِ الْمَالِيَّةِ فَمَا يُوجِبُ نَقْصًا فِيهَا يَكُونُ عَيْبًا (1) .
وَقَدْ ذَكَرَ الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ مِمَّا يُعَدُّ عَيْبًا، الْبَيْتُ الَّذِي قُتِل فِيهِ إِنْسَانٌ وَأَصْبَحَ يُوحِشُ سَاكِنِيهِ وَتَنْفِرُ نُفُوسُهُمْ عَنْهُ، وَيَأْبَى الْعِيَال وَالأَْوْلاَدُ سُكْنَاهُ وَتَتَرَاءَى لَهُمْ بِسَبَبِ تِلْكَ الْوَحْشَةِ خَيَالاَتٌ شَيْطَانِيَّةٌ مُفْزِعَةٌ مُقْلِقَةٌ. وَقَدْ جَعَلُوهُ مِمَّا يَنْفِرُ النَّاسُ عَنْهُ، وَتَقِل الرَّغْبَةُ فِيهِ، فَيُبْخَسُ ثَمَنُهُ، فَهُوَ مِنْ تَطْبِيقَاتِ نَقْصِ الْقِيمَةِ (2) .
الأَْمْرُ الثَّانِي - كَوْنُ الأَْصْل سَلاَمَةَ أَمْثَال الْمَبِيعِ. مِنَ الْعَيْبِ:
9 - الْمُرَادُ أَنَّ السَّلاَمَةَ مِنْ ذَلِكَ الْوَصْفِ الْعَارِضِ
__________
(1) كشاف القناع 3 / 215، والمغني 4 / 115 م 3010.
(2) المعيار للونشريسي، طبعة حجرية بالمغرب 5 / 180، والخرشي 5 / 127.
هِيَ الأَْصْل فِي نَوْعِ الْمَبِيعِ وَأَمْثَالِهِ، أَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمَأْلُوفِ وُجُودُهُ فِي أَمْثَالِهِ، فَإِنَّهُ لاَ يُعَدُّ عَيْبًا مُعْتَبَرًا. وَقَدِ اخْتَلَفَتْ تَعَابِيرُ الْفُقَهَاءِ عَنْ هَذَا الأَْمْرِ مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَيْهِ. وَقَدِ اسْتَدْرَكَهُ ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى ضَابِطِ الْحَنَفِيَّةِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ قَائِلاً: وَقَوَاعِدُنَا لاَ تَأْبَاهُ (1) . وَضَرَبُوا لِذَلِكَ مَثَلاً بِوُجُودِ الثُّفْل فِي الزَّيْتِ بِالْحَدِّ الْمُعْتَادِ، فَمِنْ تَعَابِيرِ الْفُقَهَاءِ فِي اعْتِمَادِ هَذَا الأَْمْرِ، لِيَكُونَ الْعَيْبُ مُعْتَبَرًا، التَّعْبِيرُ بِكَوْنِ الْغَالِبِ فِي جِنْسِ الْمَبِيعِ عَدَمُهُ، أَوِ اقْتِضَاءُ الْعُرْفِ سَلاَمَةَ الْمَبِيعِ عَنْهُ غَالِبًا، أَوْ مَا خَالَفَ الْخِلْقَةَ الأَْصْلِيَّةَ، أَوْ أَصْل الْخِلْقَةِ، أَوِ الْخُرُوجُ عَنِ الْمَجْرَى الطَّبِيعِيِّ، أَوْ مَا نَقَصَ عَنِ الْخِلْقَةِ الأَْصْلِيَّةِ أَوِ الْخَلْقِ الشَّرْعِيِّ (كَمَا يَقُول ابْنُ رُشْدٍ) ، أَوْ مَا خَالَفَ الْمُعْتَادَ، أَوْ مَا تَخْلُو عَنْهُ أَصْل الْفِطْرَةِ السَّلِيمَةِ (2) .
الرُّجُوعُ لِلْعُرْفِ فِي تَحَقُّقِ ضَابِطِ الْعَيْبِ
10 - تَوَارَدَتْ نُصُوصُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ الْمَرْجِعَ فِي كَوْنِ الْعَيْبِ مُؤَثِّرًا (أَيْ مُؤَدِّيًا إِلَى نُقْصَانِ الْقِيمَةِ، وَكَوْنِ الأَْصْل فِي جِنْسِ الْمَبِيعِ عَدَمَهُ)
__________
(1) رد المحتار 4 / 71.
(2) بداية المجتهد 2 / 174، مغني المحتاج 2 / 51، الوجيز 2 / 142، المكاسب 267 نقلا عن قواعد الحلي، تذكرة الفقهاء 1 / 540، فتح القدير 5 / 151، شرح المجلة لعلي حيدر (ترجمة الحسيني) 284، وشرح المجلة للمحاسني 1 / 267 " ما تقتضي النظرة السليمة أن يكون خاليًا منه ".
الصفحة 118