كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 20)

الْمُشْتَرِي إِقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى وُجُودِ الْعَيْبِ عِنْدَهُ؛ لِكَوْنِهِ ثَابِتًا بِالْعِيَانِ وَالْمُشَاهَدَةِ، وَلِلْمُشْتَرِي حَقُّ خُصُومَةِ الْبَائِعِ بِسَبَبِ هَذَا الْعَيْبِ، وَلِلْقَاضِي حِينَئِذٍ النَّظَرُ فِي الأَْمْرِ.
فَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ لاَ يَحْدُثُ مِثْلُهُ عَادَةً فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، كَالأُْصْبُعِ الزَّائِدَةِ وَنَحْوِهَا، فَإِنَّهُ يُرَدُّ عَلَى الْبَائِعِ، وَلاَ يُكَلَّفُ الْمُشْتَرِي بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى ثُبُوتِ الْعَيْبِ عِنْدَ الْبَائِعِ لِتَيَقُّنِ ثُبُوتِهِ عِنْدَهُ، إِلاَّ أَنْ يَدَّعِيَ الْبَائِعُ الرِّضَا بِهِ وَالإِْبْرَاءَ عَنْهُ، فَتُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْهُ.
فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ قُضِيَ بِذَلِكَ، وَإِلاَّ اسْتُحْلِفَ الْمُشْتَرِي عَلَى دَعْوَاهُ، فَإِنْ نَكَل (أَحْجَمَ عَنِ الْيَمِينِ) لَمْ يُرَدَّ الْمَبِيعُ الْمَعِيبُ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ حَلَفَ رُدَّ عَلَى الْبَائِعِ. وَأَمَّا إِنْ كَانَ الْعَيْبُ مِمَّا يَجُوزُ أَنْ يَحْدُثَ مِثْلُهُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ يُسْتَحْلَفُ بِاللَّهِ عَلَى الْبَتَاتِ، أَيْ بِشَكْلٍ بَاتٍّ قَاطِعٍ جَازِمٍ، لاَ عَلَى مُجَرَّدِ نَفْيِ الْعِلْمِ: " لَقَدْ بِعْتُهُ وَسَلَّمْتُهُ، وَمَا بِهِ هَذَا الْعَيْبُ، لاَ عِنْدَ الْبَيْعِ وَلاَ عِنْدَ التَّسْلِيمِ ". (1)
2 - الْعَيْبُ إِذَا كَانَ بَاطِنًا خَفِيًّا لاَ يَعْرِفُهُ إِلاَّ الْمُخْتَصُّونَ كَالأَْطِبَّاءِ وَالْبَيَاطِرَةِ مِثْل وَجَعِ الْكَبِدِ وَالطِّحَال وَنَحْوِهِ، فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لِمُمَارَسَةِ حَقِّ الْخُصُومَةِ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ مُسْلِمَيْنِ، أَوْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ عَدْلٍ مِنْ أَهْل الْخِبْرَةِ.
__________
(1) رد المحتار 4 / 92، ومختصر الطحاوي ص80.
3 - الْعَيْبُ الَّذِي لاَ يَطَّلِعُ عَلَيْهِ إِلاَّ النِّسَاءُ: يَرْجِعُ الْقَاضِي فِيهِ إِلَى قَوْل النِّسَاءِ بَعْدَ أَنْ يَرَيْنَ الْعَيْبَ، وَلاَ يُشْتَرَطُ الْعَدَدُ فِيهِنَّ، بَل يَكْفِي قَوْل امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ عَدْلٍ، وَالثِّنْتَانِ أَحْوَطُ، لأَِنَّ قَوْل الْمَرْأَةِ فِيمَا لاَ يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَال حُجَّةٌ فِي الشَّرْعِ، كَشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ فِي النَّسَبِ.
فَإِذَا شَهِدَتِ الْمَرْأَةُ عَلَى الْعَيْبِ، فَهُنَاكَ رِوَايَاتٌ مُتَعَدِّدَةٌ عَنْ كُل وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبَيْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمُحَصِّلُهَا أَنَّ شَهَادَةَ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ أَوِ الثِّنْتَيْنِ يَثْبُتُ بِهَا الْعَيْبُ الَّذِي لاَ يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَال فِي حَقِّ تَوَجُّهِ الْخُصُومَةِ، لاَ فِي حَقِّ الرَّدِّ.
4 - الْعَيْبُ الَّذِي لَيْسَ بِمُشَاهَدٍ عِنْدَ الْخُصُومَةِ وَلاَ يُعْرَفُ إِلاَّ بِالتَّجْرِبَةِ: كَالإِْبَاقِ: فَلاَ يَثْبُتُ إِلاَّ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ (1) .
وَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعِ الْمُشْتَرِي إِثْبَاتَ الْعَيْبِ عِنْدَهُ، هَل يَسْتَحْلِفُ الْقَاضِي الْبَائِعَ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لاَ؟
قَال الصَّاحِبَانِ: يَسْتَحْلِفُ. وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: لاَ يَسْتَحْلِفُ.
وَكَيْفِيَّةُ اسْتِحْلاَفِ الْبَائِعِ: هِيَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الْعِلْمِ، لاَ عَلَى الْبَتَاتِ أَيِ الْجَزْمِ وَالْقَطْعِ فَيَقُول: بِاللَّهِ مَا يَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْعَيْبَ مَوْجُودٌ فِي هَذَا الشَّيْءِ الآْنَ، وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ: هُوَ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى غَيْرِ فِعْلِهِ، وَمَنْ حَلَفَ عَلَى غَيْرِ فِعْلِهِ، يَحْلِفُ عَلَى الْعِلْمِ، لأَِنَّهُ لاَ عِلْمَ لَهُ بِمَا
__________
(1) تكملة المجموع 1 / 116.

الصفحة 122