كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 20)

يَحْلِفَ، وَارْتَجَعَ الْعَبْدَ، فَصَحَّ عِنْدَهُ، فَبَاعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ (1) .

تَلْخِيصُ مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي اشْتِرَاطِ الْبَرَاءَةِ:
22 - الاِتِّجَاهُ الأَْوَّل: أَنْ يُبَرَّأَ مِنْ كُل عَيْبٍ، عَلِمَهُ الْبَائِعُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْهُ. وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي ثَوْرٍ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَزَيْدٍ.
الثَّانِي: لاَ يُبَرَّأُ مِنْ شَيْءٍ مِنَ الْعُيُوبِ حَتَّى يُسَمِّيَهُ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْعَيْبُ مِمَّا يُعَايَنُ أَمْ لاَ، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ.
الثَّالِثُ: لاَ يُبَرَّأُ مِنْ شَيْءٍ مِنَ الْعُيُوبِ حَتَّى يَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ، وَالْمُرَادُ بِوَضْعِ الْيَدِ، إِمَّا الْمُعَايَنَةُ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيَّةِ فِيمَا يُمْكِنُ رُؤْيَتُهُ، وَإِمَّا حَقِيقَةُ وَضْعِ الْيَدِ، وَهُوَ ظَاهِرُ النَّقْل عَنْ شُرَيْحٍ وَعَطَاءٍ وَرِوَايَةٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَمَذْهَبِ إِسْحَاقَ.
الرَّابِعُ: لاَ يُبَرَّأُ إِلاَّ مِنَ الْعَيْبِ الْبَاطِنِ الَّذِي لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فِي الْحَيَوَانِ خَاصَّةً، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْمُوَطَّأِ وَالْقَوْل الظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ.
الْخَامِسُ: أَنَّ الْبَرَاءَةَ إِنَّمَا هِيَ فِي بَيْعِ
__________
(1) أثر عبد الله بن عمر حين باع غلامًا له. أخرجه مالك في الموطأ (2 / 613 - ط. الحلبي) ،، وعند البيهقي في السنن (5 / 328 - ط. دائرة المعارف العثمانية) ،، وأورده القاضي زكريا الأنصاري في شرح الروض 2 / 63، وقال في الشامل: إن المشتري زيد بن ثابت.
السُّلْطَانِ لِلْمَغْنَمِ، أَوْ عَلَى مُفْلِسٍ، أَوْ فِي دُيُونِ الْمَيِّتِ، كَمَا قَال بَعْضُهُمْ.
السَّادِسُ: بُطْلاَنُ الْبَيْعِ أَصْلاً وَهُوَ قَوْلٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ (1) .

أَقْسَامُ وَأَحْكَامُ الْبَرَاءَةِ:
23 - تَنْقَسِمُ الْبَرَاءَةُ أَوَّلاً إِلَى نَوْعَيْنِ: خَاصَّةٍ، مِنْ عَيْبٍ مُعَيَّنٍ مُسَمًّى، وَعَامَّةٍ مِنْ جَمِيعِ الْعُيُوبِ - أَوْ مِنْ كُل عَيْبٍ - وَلاَ أَثَرَ لِهَذَا التَّقْسِيمِ فِي الْحُكْمِ غَيْرُ أَثَرِ الشُّمُول لِكُل عَيْبٍ أَوِ الاِخْتِصَاصِ بِالْعَيْبِ الْمُسَمَّى. عَلَى أَنَّ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ مَنَعَ الْعَامَّةَ لأَِنَّهَا تَشْمَل الْعَيْبَ الَّذِي يَحْدُثُ قَبْل التَّسْلِيمِ وَلَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا وَقْتَ الْعَقْدِ، فِي حِينِ أَجَازَهَا الآْخَرُونَ وَحَمَلُوهَا عَلَى مَا يَرَوْنَهُ جَائِزًا: دُخُول الْحَادِثِ أَوْ عَدَمُهُ.
24 - لَكِنَّ لِلْبَرَاءَةِ تَقْسِيمًا آخَرَ ذَا أَثَرٍ كَبِيرٍ (2) ، وَهُوَ أَنَّهَا: إِمَّا أَنْ تَكُونَ مُقَيَّدَةً بِالْعَيْبِ الْمَوْجُودِ عِنْدَ الْعَقْدِ، وَإِمَّا أَنْ تَصْدُرَ مُضَافَةً إِلَى الْعَيْبِ الْحَادِثِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْل الْقَبْضِ مَعَ الْمَوْجُودِ عِنْدَ الْعَقْدِ، وَإِمَّا أَنْ تَرِدَ مُطْلَقَةً لاَ مُقَيَّدَةً وَلاَ مُضَافَةً.
أ - فَإِذَا كَانَ اشْتِرَاطُ الْبَرَاءَةِ فِي صُورَةِ الْقَيْدِ بِالْعَيْبِ - أَوِ الْعُيُوبِ - الْمَوْجُودَةِ عِنْدَ الْعَقْدِ، وَذَلِكَ يُسْتَفَادُ مِنْ عِبَارَةِ: " عَلَى أَنِّي بَرِيءٌ مِنْ
__________
(1) تكملة المجموع 12 / 399 - 400 و 406 - 407.
(2) البدائع 5 / 277، فتح القدير 5 / 183.

الصفحة 125