كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 20)

الْقَوْل الأَْوَّل:
8 - قَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: يُقْسَمُ خُمُسُ الْغَنِيمَةِ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُول وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيل} (1) وَلِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كَانَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ الْخُمُسَ عَلَى خَمْسَةٍ (2) وَبِهَذَا قَال عَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ وَالشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَقَتَادَةُ وَابْنُ جُرَيْجٍ (3) .
وَبَيَانُ هَذِهِ الأَْسْهُمِ كَالآْتِي:
1 - سَهْمٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَكَانَ هَذَا السَّهْمُ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَيَاتِهِ يَضَعُهُ فِي مَصَارِفِهِ الَّتِي يَرَاهَا، ثُمَّ صَارَ مِنْ بَعْدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصْرَفُ فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلاَحِ وَمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، كَسَدِّ الثُّغُورِ، وَشَحْنِهَا بِالْعُدَدِ، وَالْمُقَاتِلَةِ، وَكَعِمَارَةِ الْمَسَاجِدِ، وَالْقَنَاطِرِ، وَالْحُصُونِ، وَأَرْزَاقِ الْقُضَاةِ، وَالأَْئِمَّةِ، وَالْعُلَمَاءِ بِعُلُومٍ تَتَعَلَّقُ بِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، لأَِنَّ بِالثُّغُورِ حِفْظَ الْمُسْلِمِينَ، وَلِئَلاَّ يَتَعَطَّل مَنْ ذُكِرَ بِالاِكْتِسَابِ عَنِ الاِشْتِغَال بِهَذِهِ الْعُلُومِ وَعَنْ تَنْفِيذِ الأَْحْكَامِ وَعَنِ التَّعْلِيمِ وَالتَّعَلُّمِ، فَيُرْزَقُونَ مَا يَكْفِيهِمْ لِيَتَفَرَّغُوا لِذَلِكَ. وَيُقَدَّمُ الأَْهَمُّ فَالأَْهَمُّ وُجُوبًا.
__________
(1) سورة الأنفال / 41.
(2) المغني 6 / 401 - 407.
وَقَالُوا: إِنَّ سَهْمَ اللَّهِ تَعَالَى وَالرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحِدٌ، لأَِنَّ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى فِي الآْيَةِ الْكَرِيمَةِ بِقَوْلِهِ {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} لاِفْتِتَاحِ الْكَلاَمِ بِاسْمِهِ تَعَالَى تَبَرُّكًا بِهِ لاَ لإِِفْرَادِهِ سُبْحَانَهُ بِسَهْمٍ، فَإِنَّ لِلَّهِ تَعَالَى الدُّنْيَا وَالآْخِرَةَ. (1)
2 - سَهْمٌ لِبَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ ابْنَيْ عَبْدِ مَنَافٍ: وَهُمُ الْمُرَادُ بِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَلِذِي الْقُرْبَى} دُونَ غَيْرِهِمْ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وَبَنِي نَوْفَلٍ وَإِنْ كَانَ الأَْرْبَعَةُ أَبْنَاءَ عَبْدِ مَنَافٍ، لاِقْتِصَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقَسْمِ عَلَى بَنِي الأَْوَّلَيْنِ مَعَ سُؤَال ابْنِ الآْخَرَيْنِ لَهُ، رُوِيَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّهُ قَال: لَمَّا قَسَمَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهْمَ ذِي الْقُرْبَى مِنْ خَيْبَرَ بَيْنَ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ أَتَيْتُ أَنَا وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْنَا: يَا رَسُول اللَّهِ، أَمَّا بَنُو هَاشِمٍ فَلاَ نُنْكِرُ فَضْلَهُمْ لِمَكَانِكَ الَّذِي وَضَعَكَ اللَّهُ بِهِ مِنْهُمْ، فَمَا بَال إِخْوَانِنَا مِنْ بَنِي الْمُطَّلِبِ أَعْطَيْتُهُمْ وَتَرَكْتَنَا، وَإِنَّمَا نَحْنُ وَهُمْ مِنْكَ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ؟ فَقَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّهُمْ لَمْ يُفَارِقُونِي فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلاَ إِسْلاَمٍ، وَإِنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ. (2)
__________
(1) مغني المحتاج 3 / 93، المغني 6 / 406.
(2) حديث جبير بن مطعم: " إنهم لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام ".، أخرجه البخاري (الفتح 6 / 244 -. ط السلفية) دون قوله: " إنهم لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام "، وأخرجه أحمد (4 / 81 -. ط الميمنية) ، والنسائي (7 / 131 -. ط المكتبة التجارية) .

الصفحة 13