كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 20)
أَمَّا فِي الْعَيْبِ الْمُتَوَسِّطِ فَالْمَشْهُورُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الأُْصُول (الْعَقَارَاتِ مِنْ دُورٍ وَنَحْوِهَا) وَبَيْنَ الْعُرُوضِ (وَهِيَ مَا عَدَا الْعَقَارِ) :
فَفِي الْعَقَارَاتِ لاَ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ بِهَذَا الْعَيْبِ الْمُتَوَسِّطِ بَل لَهُ الرُّجُوعُ بِالأَْرْشِ.
أَمَّا فِي الْعُرُوضِ، فَظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَجِبُ فِيهَا الرَّدُّ سَوَاءٌ كَانَ الْعَيْبُ مُتَوَسِّطًا أَوْ كَثِيرًا. وَقِيل: إِنَّ الْعُرُوضَ كَالأُْصُول لاَ يَجِبُ الرَّدُّ فِي الْعَيْبِ الْمُتَوَسِّطِ وَإِنَّمَا فِيهِ الرُّجُوعُ بِالْقِيمَةِ (1) .
وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ الْجَدُّ أَنَّ شَيْخَهُ الْفَقِيهَ أَبَا بَكْرِ بْنَ رِزْقٍ كَانَ يَحْمِل ظَاهِرَ الرِّوَايَاتِ عَلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْعُرُوضِ وَالأُْصُول فِي أَنَّ حُكْمَهَا الرُّجُوعُ بِالْقِيمَةِ إِذَا كَانَ الْعَيْبُ مُتَوَسِّطًا، وَأَشَارَ ابْنُ رُشْدٍ إِلَى أَنَّ لِتَأْوِيلِهِ هَذَا مَا يُؤَيِّدُهُ مِنْ رِوَايَةِ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الثِّيَابِ (2) . وَلَعَلَّهُ اسْتِنَادًا لِهَذِهِ الرِّوَايَةِ كَانَ بَعْضُ شُيُوخِ ابْنِ يُونُسَ يَرَوْنَ أَنَّ الثِّيَابَ فِي ذَلِكَ كَالدُّورِ.
الرَّدُّ وَشَرَائِطُهُ
33 - يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْفَسْخِ أَوِ الرَّدِّ مَا يَلِي:
1 - قِيَامُ الْخِيَارِ، وَهَذِهِ الشَّرِيطَةُ يَقْتَضِيهَا أَنَّ
__________
(1) المقدمات 570، بداية المجتهد 2 / 178.
(2) المقدمات 570، الحطاب والمواق 4 / 435، والخرشي بحاشية العدوي 4 / 42، والدسوقي على شرح الدردير لخليل 3 / 114.
الْفَسْخَ فِي الْخِيَارِ إِنَّمَا هُوَ لأَِنَّ الْعَقْدَ غَيْرُ لاَزِمٍ، فَإِذَا سَقَطَ الْخِيَارُ لَزِمَ الْعَقْدُ، وَالْعَقْدُ اللاَّزِمُ لاَ يَحْتَمِل الْفَسْخَ (1) .
2 - أَنْ يَكُونَ الْمَرْدُودُ عَلَى الْوَصْفِ الَّذِي كَانَ مَقْبُوضًا:
وَالْمُرَادُ أَنْ لاَ يَلْحَقَ بِالْمَبِيعِ عَيْبٌ زَائِدٌ عَنِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ، فَكَمَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ غَيْرَ مَعِيبٍ بِعَيْبٍ زَائِدٍ كَعَيْبِ الشَّرِكَةِ النَّاشِئِ عَنْ تَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ، أَوِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ (2) .
3 - أَنْ لاَ يَتَضَمَّنَ الْفَسْخُ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ قَبْل التَّمَامِ:
وَهُوَ مَا قَبْل قَبْضِ الْمَبِيعِ كُلِّهِ، لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى التَّفْرِيقِ مِنْ عُيُوبٍ، أَحَدُهَا عَيْبُ الشَّرِكَةِ كَمَا سَيَأْتِي. قَال الْكَاسَانِيُّ: وَهَذَا الْمَنْعُ فِيمَا إِذَا لَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ، إِذْ لَوْ رَضِيَ لَجَازَ، لأَِنَّهُ حِينَئِذٍ ضَرَرٌ مَرْضِيٌّ مِنْ جِهَتِهِ لاَ يَجِبُ دَفْعُهُ عَنْهُ (3) وَفِي هَذَا يَقُول ابْنُ حَجَرٍ:
__________
(1) البدائع 5 / 273 و 286 و 298، الفتاوى الهندية 3 / 81 - 82، رد المحتار 4 / 93، الخرشي 4 / 46، وغيره من شروح خليل.
(2) البدائع 5 / 283 و 284 مستخلصًا من توجيه قول أبي حنيفة في منع أحد المشترين لشيء واحد من رد نصيبه على البائع.
(3) البدائع 5 / 287، فتح القدير 5 / 175، الفتاوى الهندية 3 / 76 و 81 و 82 و83، وفيه تفصيلات دقيقة لما يعتبر صفقة واحدة يمتنع تفريقها وما ليس كذلك.
الصفحة 131