كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 20)

بَعْدَمَا ظَهَرَ عَيْبٌ فِي الْمَبِيعِ يَمْتَنِعُ بِهِ الرَّدُّ وَلَوْ قَبِل الْبَائِعُ، لأَِنَّ الْمَنْعَ لِحَقِّ الشَّرْعِ. وَفِيمَا يَأْتِي تَفْصِيل هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ الْمَانِعَتَيْنِ مِنَ الرَّدِّ وَالنَّاقِلَتَيْنِ الْمُوجِبَ إِلَى الأَْرْشِ.
أَوَّلاً - الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ غَيْرُ الْمُتَوَلِّدَةِ (مُطْلَقًا: قَبْل الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ) كَالصَّبْغِ وَالْخِيَاطَةِ فِي الثَّوْبِ، وَالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ فِي الأَْرْضِ، لأَِنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لَيْسَتْ تَابِعَةً، بَل هِيَ أَصْلٌ بِنَفْسِهَا فَتَعَذَّرَ مَعَهَا رَدُّ الْمَبِيعِ، إِذْ لاَ يُمْكِنُ رَدُّهُ بِدُونِ الزِّيَادَةِ لِتَعَذُّرِ الْفَصْل، وَلاَ يُمْكِنُ رَدُّهُ مَعَ الزِّيَادَةِ، لأَِنَّهَا لَيْسَتْ تَابِعَةً فِي الْعَقْدِ فَلاَ تَكُونُ تَابِعَةً فِي الْفَسْخِ (إِلاَّ إِنْ تَرَاضَيَا عَلَى الْفَسْخِ فَهُوَ إِقَالَةٌ وَكَبَيْعٍ جَدِيدٍ) وَلَوْ قَال الْبَائِعُ: أَنَا أَقْبَلُهُ كَذَلِكَ، وَرَضِيَ الْمُشْتَرِي لاَ يَجُوزُ أَيْضًا، لأَِنَّ الْمَنْعَ لِحَقِّ الشَّرْعِ لاِسْتِلْزَامِهِ الرِّبَا.
ثَانِيًا - الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ الْمُتَوَلِّدَةُ، بَعْدَ الْقَبْضِ خَاصَّةً، كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرَةِ وَاللَّبَنِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ. وَتِلْكَ الزِّيَادَةُ تَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ أَيْضًا لأَِنَّ الزِّيَادَةَ مَبِيعَةٌ تَبَعًا لِثُبُوتِ حُكْمِ الأَْصْل وَحَصَلَتْ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ رَدَّهَا مَعَ الأَْصْل كَانَتْ لِلْبَائِعِ رِبْحَ مَا لَمْ يُضْمَنْ، وَإِنِ اسْتَبْقَاهَا وَرَدَّ الأَْصْل فَإِنَّهَا تَبْقَى فِي يَدِهِ بِلاَ ثَمَنٍ، وَهَذَا مِنْ صُوَرِ الرِّبَا.
وَخَالَفَ الشَّافِعِيُّ فِي هَذِهِ الزِّيَادَةِ، فَعَدَّهَا كَالْكَسْبِ، لإِِمْكَانِ الْفَصْل عَنِ الأَْصْل بِدُونِهَا،
وَالزِّيَادَةُ لِلْمُشْتَرِي، فَهِيَ لاَ تَمْنَعُ الرَّدَّ (1) .
47 - أَمَّا صُوَرُ الزِّيَادَةِ الأُْخْرَى فَلاَ تَمْنَعُ الرَّدَّ، وَلِذَا لاَ رُجُوعَ مَعَهَا بِالأَْرْشِ، وَهِيَ:
1 - الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ الْمُتَوَلِّدَةُ، كَالْكِبَرِ وَالسِّمَنِ، وَمِنْهَا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ الْجَنِينُ قَبْل الْوَضْعِ وَالثَّمَرَةُ قَبْل التَّأْبِيرِ. وَهِيَ لاَ تَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إِنْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِرَدِّهَا مَعَ الأَْصْل وَإِنْ أَبَى الْمُشْتَرِي الرَّدَّ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِالأَْرْشِ خِلاَفًا لِمُحَمَّدٍ.
وَالْحُكْمُ كَذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، لأَِنَّ الزِّيَادَةَ تَمَحَّضَتْ تَابِعَةً لِلأَْصْل بِتَوَلُّدِهَا مِنْهُ مَعَ عَدَمِ انْفِصَالِهَا فَكَأَنَّ الْفَسْخَ لَمْ يَرِدْ عَلَى زِيَادَةٍ أَصْلاً - كَمَا قَال ابْنُ الْهُمَامِ - أَوْ كَمَا قَال الْكَاسَانِيُّ: كَانَتِ الزِّيَادَةُ مَبِيعَةً تَبَعًا، وَمَا كَانَ تَبَعًا فِي الْعَقْدِ يَكُونُ تَبَعًا فِي الْفَسْخِ. وَلاَ فَرْقَ فِي هَذِهِ الزِّيَادَةِ بَيْنَ أَنْ تَحْدُثَ قَبْل الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ (2) .
__________
(1) البدائع 5 / 285 - 286، فتح القدير 160 - 161، رد المحتار 4 / 80 - 81، الفتاوى الهندية 3 / 77، تكملة المجموع 12 / 254.
(2) البدائع 5 / 284، فتح القدير 5 / 161، المغني 4 / 130. وقد جاء حكم هذه الصورة عند ابن الهمام موهمًا العكس، حيث قال: " وهي تمنع الرد لتعذر الفسخ عليها؛ لأن العقد لم يرد عليها، ولا يمكن التبعية للانفصال " ثم قال بعد: " فيكون المشتري بالخيار قبل القبض إن شاء ردهما جميعًا، وإن شاء رضي بهما بجميع الثمن ". والفتح 5 / 161 تفصيلات بشأن وجود عيب بالزيادة وحدها، وفروع أخرى تنظر هناك.

الصفحة 140