كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 20)

مُضَافَةٍ إِلَيْهِ كَالصَّبْغِ وَالْخِيَاطَةِ وَمَا أَشْبَهَهُمَا مِمَّا لاَ يَنْفَصِل عَنْهُ إِلاَّ بِفَسَادٍ، فَلاَ اخْتِلاَفَ أَنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ لَهُ الْخِيَارَ بَيْنَ أَنْ يَتَمَسَّكَ وَيَرْجِعَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ أَوْ يَرُدَّ وَيَكُونَ شَرِيكًا لَهُ، وَنَحْوُهُ لِلْبَاجِيِّ. فِي الْمُنْتَقَى وَذَكَرَ الْبَاجِيُّ خَمْسَةَ الأَْوْجُهِ.
49 - قَال الْحَطَّابُ: وَأَمَّا كَيْفِيَّةُ التَّقْوِيمِ فَقَدْ تَكَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ غَازِيٍّ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إِذَا حَدَثَتْ زِيَادَةٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَحْدُثْ عِنْدَهُ عَيْبٌ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ، فَإِنِ اخْتَارَ الإِْمْسَاكَ فَيُقَوَّمُ الْمَبِيعُ تَقْوِيمَيْنِ، يُقَوَّمُ سَالِمًا، ثُمَّ مَعِيبًا، وَيَأْخُذُ مِنَ الثَّمَنِ بِنِسْبَةِ ذَلِكَ، وَإِنِ اخْتَارَ الرَّدَّ قُوِّمَ تَقْوِيمَيْنِ أَيْضًا فَيُقَوَّمُ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ غَيْرَ مَصْبُوغٍ ثُمَّ يُقَوَّمُ مَصْبُوغًا، فَمَا زَادَتْ قِيمَتُهُ مَصْبُوغًا عَلَى قِيمَتِهِ غَيْرَ مَصْبُوغٍ نُسِبَ إِلَى قِيمَتِهِ مَصْبُوغًا وَكَانَ الْمُشْتَرِي شَرِيكًا فِي الثَّوْبِ بِنِسْبَتِهِ، كَمَا إِذَا قُوِّمَ غَيْرَ مَصْبُوغٍ بِثَمَانِينَ، وَقُوِّمَ مَصْبُوغًا بِتِسْعِينَ، فَيَنْسِبُ الْعَشَرَةَ الزَّائِدَةَ إِلَى تِسْعِينَ فَتَكُونُ تِسْعًا فَيَكُونُ الْمُشْتَرِي شَرِيكًا فِي الثَّوْبِ بِالتِّسْعِ، وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ مَصْبُوغًا وَغَيْرَ مَصْبُوغٍ يَوْمَ الْبَيْعِ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ، وَيَوْمَ الْحُكْمِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ، وَأَمَّا إِذَا حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ وَزِيَادَةٌ فَإِنِ اخْتَارَ الْمُشْتَرِي الإِْمْسَاكَ قُوِّمَ الْمَبِيعُ تَقْوِيمَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَإِنِ اخْتَارَ الرَّدَّ فَقَال ابْنُ الْحَاجِبِ: لاَ بُدَّ مِنْ أَرْبَعِ تَقْوِيمَاتٍ، يُقَوَّمُ سَالِمًا ثُمَّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ، ثُمَّ بِالْحَادِثِ، ثُمَّ بِالزِّيَادَةِ، وَقَال ابْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ: لاَ حَاجَةَ إِلَى تَقْوِيمِهِ سَالِمًا وَلاَ إِلَى
تَقْوِيمِهِ بِالْعَيْبِ الْحَادِثِ وَإِنَّمَا يُقَوَّمُ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ ثُمَّ بِالزِّيَادَةِ فَيُشَارِكُ فِي الْمَبِيعِ بِقَدْرِ الزِّيَادَةِ (1) .

ثَالِثًا - الْمَانِعُ الْعَقَدِيُّ: (الْعَيْبُ الْحَادِثُ)
50 - الْعَقْدُ الْمُبْرَمُ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ يَقُومُ عَلَى الاِلْتِزَامِ بِمَا أَلْزَمَ بِهِ كُلٌّ مِنْهُمَا نَفْسَهُ مِنْ مَبِيعٍ وَثَمَنٍ، بِمُوجَبِ الْعَقْدِ، وَلِذَا كَانَ حَقُّ الرَّدِّ لِلْمَعِيبِ مُقَيَّدًا بِأَنْ لاَ يَقَعَ مَا يُخِل بِالاِلْتِزَامَاتِ الْمُوَزَّعَةِ فِي الْعَقْدِ، فَإِذَا تَعَيَّبَ الْمَبِيعُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ حَادِثٍ، سَوَاءٌ كَانَ بِفِعْل الْمُشْتَرِي أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ بِفِعْل الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ ذَا حَيَاةٍ، فَإِنَّ الرَّدَّ لِلْمَعِيبِ - وَهُوَ الْمُوجِبُ الأَْصْلِيُّ - يَمْتَنِعُ، وَيَنْتَقِل إِلَى الْمُوجِبِ الْخَلَفِيِّ وَهُوَ الرُّجُوعُ بِالنُّقْصَانِ لأَِنَّ شَرْطَ الرَّدِّ أَنْ يَكُونَ الْمَرْدُودُ عِنْدَ الرَّدِّ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا عِنْدَ الْقَبْضِ وَلَمْ يُوجَدْ لِخُرُوجِهِ مَعِيبًا بِعَيْبٍ وَاحِدٍ فَقَطْ، وَلأَِنَّ فِي الرَّدِّ إِضْرَارًا بِالْبَائِعِ وَهُوَ إِخْلاَلٌ بِطَبِيعَةِ الْعَقْدِ، لأَِنَّ الْمَبِيعَ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ سَالِمًا مِنَ الْعَيْبِ الْحَادِثِ فَلَوْ أُلْزِمَ بِهِ مَعِيبًا تَضَرَّرَ، لأَِنَّهُ إِذَا كَانَ يَضْمَنُ الْعَيْبَ الْقَدِيمَ لاَ يَضْمَنُ الْحَادِثَ لِوُقُوعِهِ بَعْدَ الْقَبْضِ وَالْمَبِيعُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي فَانْعَدَمَ شَرْطُ الرَّدِّ، وَبِمَا أَنَّهُ لاَ بُدَّ مِنْ دَفْعِ الضَّرَرِ عَنِ الْمُشْتَرِي لِمُقَابَلَةِ الْجُزْءِ الْفَائِتِ الَّذِي صَارَ مُسْتَحِقًّا لَهُ
__________
(1) الحطاب 4 / 447، المقدمات لابن رشد 2 / 571 - 574 الطبعة الأولى.

الصفحة 142