كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 20)
ج - أَوْ كَانَ عَامِل قِرَاضٍ وَلَمْ يُصَرِّحَ الْمَالِكُ بِطَلَبِ الرَّدِّ، لِلْعِلَّةِ نَفْسِهَا (1) .
ثَالِثًا - إِسْقَاطُ الْخِيَارِ بِصَرِيحِ الإِْسْقَاطِ، وَالإِْبْرَاءِ عَنْهُ
54 - ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ إِسْقَاطَ الْمُشْتَرِي خِيَارَ الْعَيْبِ إِسْقَاطٌ سَائِغٌ، لأَِنَّ الْخِيَارَ حَقٌّ خَالِصٌ لِلْمُشْتَرِي فَلَهُ النُّزُول عَنْهُ. وَهُوَ فِي هَذَا يُخَالِفُ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ الَّذِي لاَ يَصِحُّ إِنْهَاؤُهُ بِصَرِيحِ الإِْسْقَاطِ لأَِنَّهُ خِيَارٌ حُكْمِيٌّ ثَبَتَ بِالشَّرْعِ بَل يَسْقُطُ تَبَعًا وَضِمْنًا.
هَذَا عَنْ إِسْقَاطِ خِيَارِ الرَّدِّ، وَأَمَّا حَقُّ الرُّجُوعِ بِالأَْرْشِ (نُقْصَانِ الثَّمَنِ) فَكَذَلِكَ الأَْمْرُ يَجُوزُ أَنْ يَتَنَاوَلَهُ صَرِيحُ الإِْبْطَال، لأَِنَّهُ حَقُّهُ كَخِيَارِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ لِثُبُوتِهِ بِالشَّرْطِ (وَهِيَ السَّلاَمَةُ الْمَشْرُوطَةُ فِي الْعَقْدِ دَلاَلَةً) وَالإِْنْسَانُ بِسَبِيلٍ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي حَقِّهِ مَقْصُودًا اسْتِيفَاءً وَإِسْقَاطًا (2) .
وَمِثْل الإِْسْقَاطِ فِي الْحُكْمِ الإِْبْرَاءُ، بِأَنْ يُبَرِّئَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ مِنَ الْعَيْبِ، لأَِنَّ (الإِْبْرَاءَ) فِي حَقِيقَتِهِ إِسْقَاطٌ، وَلِلْمُشْتَرِي هُنَا وِلاَيَةُ الإِْسْقَاطِ لأَِنَّ الْخِيَارَ حَقُّهُ وَالْمَحَل قَابِلٌ لِلسُّقُوطِ (3) .
هَذَا وَلاَ يَسْقُطُ الْخِيَارُ بِعِوَضٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ،
__________
(1) تحفة المحتاج بحاشية الشرواني 4 / 140.
(2) بدائع الصنائع 5 / 282.
(3) البدائع 5 / 282.
فَقَدْ سُئِل ابْنُ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيُّ عَنْ بَذْل عِوَضٍ لِتَرْكِ رَدِّ الْعَيْبِ، هَل يَجُوزُ كَعِوَضِ الْخُلْعِ؟ فَأَجَابَ: " لاَ يَجُوزُ بَذْل الْعِوَضِ فِي مُقَابَلَةِ تَرْكِ خِيَارِ الْعَيْبِ، لاَ مِنَ الأَْجْنَبِيِّ وَلاَ مِنَ الْبَائِعِ، لأَِنَّهُ خِيَارُ فَسْخٍ فَأَشْبَهَ خِيَارَ التَّرَوِّي فِي كَوْنِهِ غَيْرَ مُتَقَوِّمٍ " (1) . وَهَذَا غَيْرُ الأَْرْشِ لأَِنَّهُ لَيْسَ عِوَضًا لِتَرْكِ الْخِيَارِ أَصْلاً، بَل هُوَ تَقْوِيمٌ لِنُقْصَانِ الثَّمَنِ اعْتِرَافًا بِالْخِيَارِ وَعَمَلاً بِمَضْمُونِهِ.
رَابِعًا - الرِّضَا بِالْعَيْبِ صَرَاحَةً:
55 - رِضَا الْمُشْتَرِي بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ إِذَا عَبَّرَ عَنْهُ بِصُورَةٍ صَرِيحَةٍ، كَلَفْظِ: رَضِيتُ بِالْعَيْبِ، أَسْقَطْتُ خِيَارَ الْعَيْبِ، أَجَزْتُ الْعَقْدَ، أَمْضَيْتُهُ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْعِبَارَاتِ الْمُفِيدَةِ لِلرِّضَا، فَإِنَّ الْخِيَارَ يَسْقُطُ أَصْلاً أَيْ يَنْتَهِي حَقُّ الرَّدِّ وَالأَْرْشِ مَعًا.
ذَلِكَ لأَِنَّ حَقَّ الرَّدِّ إِنَّمَا هُوَ لِفَوَاتِ السَّلاَمَةِ الْمَشْرُوطَةِ دَلاَلَةً فِي الْعَقْدِ، وَإِذَا رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ فَقَدْ دَل عَلَى أَنَّهُ نَزَل عَنْ هَذَا الشَّرْطِ، أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْهُ ابْتِدَاءً وَأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطِ السَّلاَمَةَ دَلاَلَةً، وَقَدْ ثَبَتَ الْخِيَارُ نَظَرًا لَهُ فَإِذَا لَمْ يَنْظُرْ لِنَفْسِهِ وَرَضِيَ بِالضَّرَرِ فَذَاكَ لَهُ.
وَكَذَلِكَ الْحَال إِذَا تَنَاوَل الرِّضَا بِالْعَيْبِ حَقَّ الرُّجُوعِ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ، كَمَا لَوِ انْتَقَصَ الْمَبِيعُ فِي
__________
(1) الفتاوى الكبرى لابن حجر 2 / 136 - 137.
الصفحة 145