كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 20)
يَتَوَصَّل الْمُشْتَرِطُ إِلَى تَنْفِيذِهِ بِالرُّجُوعِ إِلَى الْقَضَاءِ لِيُوَفِّيَ الْمُتَخَلِّفَ عَنِ الشَّرْطِ جَبْرًا. وَهَذَا فِي شَرْطٍ يُمْكِنُ الإِْجْبَارُ عَلَيْهِ، بِخِلاَفِ مَا لاَ يُمْكِنُ إِجْبَارُ الْمُمْتَنِعِ عَلَى فِعْلِهِ. كَالْتِزَامِهِ بِأَنْ يُقَدِّمَ رَهْنًا بِالثَّمَنِ. فَهَاهُنَا يُثْبِتُونَ خِيَارَ فَوَاتِ الشَّرْطِ وَإِنْ كَانُوا لاَ يُسَمُّونَهُ بِذَلِكَ، بَل يُعَبِّرُونَ بِأَنَّ لَهُ حَقَّ فَسْخِ الْعَقْدِ، يَقُول الْكَاسَانِيُّ: يُقَال لَهُ: إِمَّا أَنْ تَدْفَعَ الرَّهْنَ - أَوْ قِيمَتَهُ - أَوْ تُؤَدِّيَ الثَّمَنَ (عَاجِلاً) أَوْ يَفْسَخَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ. . وَلَوِ امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ وَالْغَرَضِ.
ثُمَّ نَصَّ عَلَى أَنَّ مِنْهُ الْبَيْعَ بِشَرْطِ إِعْطَاءِ الْكَفِيل، وَلَمْ يُجْعَل مِنْهُ شَرْطُ الْحَوَالَةِ وَالضَّمَانِ (1) .
أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَقَدْ أَخَذُوا بِمَبْدَأِ النَّهْيِ عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ، كَمَا لَوْ بَاعَهُ بِشَرْطِ أَنْ يُقْرِضَهُ، أَوِ اشْتَرَى ثَوْبًا بِشَرْطِ أَنْ يَخِيطَهُ الْبَائِعُ، أَوْ زَرْعًا بِشَرْطِ أَنْ يَحْصُدَهُ الْبَائِعُ. لَكِنَّهُمُ اسْتَثْنَوْا مِنَ النَّهْيِ عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ صُوَرًا حَكَمُوا بِصِحَّتِهَا، كَالْبَيْعِ بِشَرْطِ
__________
(1) البدائع 5 / 171 و 172 وذكر صورًا من الشروط، منها " ما لو اشترى نعلاً (جلدًا) على أن يحذوه البائع أو جرابًا على أن يخرزه له خفًا. جائز استحسانًا، للتعامل، وأما شراء ثوب على أن يخيطه البائع له فهو مفسد لعدم التعامل، ويظهر من هذا التعليل إمكان إلحاق كل
الأَْجَل، أَوِ الرَّهْنِ، أَوِ الْكَفِيل - مَعَ الْمَعْلُومِيَّةِ وَالتَّعْيِينِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ - أَوْ بِشَرْطِ الإِْشْهَادِ.
فَإِنْ لَمْ يُوَفِّ الْمُلْتَزِمُ بِالشَّرْطِ بِأَنْ لَمْ يَرْهَنْ أَوْ لَمْ يَتَكَفَّل الْكَفِيل الْمُعَيَّنُ ثَبَتَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِطِ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ.
وَلاَ يُجْبَرُ مَنْ شَرَطَ عَلَيْهِ الشَّرْطَ عَلَى الْقِيَامِ بِمَا شَرَطَ، لِزَوَال الضَّرَرِ بِالْفَسْخِ، كَمَا لاَ يَقُومُ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ مَقَامَهُ إِذَا تَلِفَ (1) .
وَنَحْوُ ذَلِكَ لِلْحَنَابِلَةِ فَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّهُ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ الرَّهْنِ وَالْكَفِيل إِنْ وَفَّى الْمُلْتَزِمُ بِالشَّرْطِ لَزِمَ الْعَقْدُ، وَإِنْ أَبَى فَلِلْمُشْتَرِطِ الْخِيَارُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالإِْمْضَاءِ بِدُونِ مُقَابِلٍ عَنْ تَرْكِ الرَّهْنِ وَالْكَفِيل (2) .
وَالْمَذْهَبُ الْحَنْبَلِيُّ هُوَ أَوْسَعُ الْمَذَاهِبِ عِنَايَةً بِالشُّرُوطِ وَذَلِكَ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الأَْصْل فِي الْعُقُودِ رِضَا الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَنَتِيجَتُهَا هُوَ مَا أَوْجَبَاهُ عَلَى أَنْفُسِهِمَا بِالتَّعَاقُدِ (3) . وَقَدِ اعْتَدُّوا بِمَبْدَأِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ فِي اعْتِبَارِ الشُّرُوطِ بَعْدَمَا وَسَّعُوا مِنْ مَفْهُومِهِ، عَلَى
__________
(1) مغني المحتاج 2 / 32، نهاية المحتاج 3 / 455، الجمل على شرح المنهج 3 / 75 - 78، وهو على الفور؛ لأنه خيار نقص. المجموع 9 / 419 للشروط الجائزة فقط دون موجب فواتها.
(2) منتهى الإرادات 2 / 160 - 161، المغني م3355 وذكروا من صور هذا الخيار أن يتلف الرهن المشروط فللبائع المرتهن الخيار (المغني م 3288) .
(3) فتاوى ابن تيمية 3 / 239.
الصفحة 155