كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 20)
تَعْمِيمِ الْمُسْتَحِقِّينَ أَصْحَابِ السِّهَامِ الأَْرْبَعَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ بِالْعَطَاءِ.
فَذَهَبَ جُمْهُورُ فُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الإِْمَامِ أَوْ نَائِبِهِ أَنْ يَعُمَّ الْمُسْتَحِقِّينَ مِنْ سِهَامِ ذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيل بِالْعَطَاءِ إِنْ وَفَّى الْمَال، نَعَمْ يُجْعَل مَا فِي كُل إِقْلِيمٍ لِسَاكِنِيهِ، فَإِنْ عَدِمَهُ بَعْضُ الأَْقَالِيمِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَعْضِهَا شَيْءٌ، أَوْ لَمْ يَسْتَوْعِبْهُمْ بِأَنْ لَمْ يَفِ بِمَنْ فِيهِ إِنْ وُزِّعَ عَلَيْهِمْ نُقِل إِلَيْهِمْ بِقَدْرِ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْمَنْقُول إِلَيْهِمْ وَغَيْرِهِمْ، وَلاَ يَجُوزُ الاِقْتِصَارُ عَلَى ثَلاَثَةٍ مِنْ كُل صِنْفٍ مِنْ أَصْنَافِ هَذِهِ السِّهَامِ الأَْرْبَعَةِ كَمَا يَقُول بَعْضُهُمْ، وَيَجُوزُ أَنْ يُفَاضَل بَيْنَ الْيَتَامَى، وَبَيْنَ الْمَسَاكِينِ، وَبَيْنَ أَبْنَاءِ السَّبِيل، لأَِنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ بِالْحَاجَةِ فَتُرَاعَى حَاجَتُهُمْ، بِخِلاَفِ ذَوِي الْقُرْبَى فَإِنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ بِالْقَرَابَةِ، فَإِنْ كَانَ الْحَاصِل يَسِيرًا لاَ يَسُدُّ مَسَدًّا بِالتَّوْزِيعِ قُدِّمَ الأَْحْوَجُ فَالأَْحْوَجُ وَلاَ يُسْتَوْعَبُ، لِلضَّرُورَةِ، وَتَصِيرُ الْحَاجَةُ مُرَجَّحَةً وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُعْتَبَرَةً فِي الاِسْتِحْقَاقِ.
وَقَال بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةُ: يُخَصُّ أَهْل كُل نَاحِيَةٍ بِخُمُسِ مَغْزَاهَا، لِمَا يَلْحَقُ فِي نَقْلِهِ مِنَ الْمَشَقَّةِ، وَلأَِنَّهُ يَتَعَذَّرُ تَعْمِيمُ أَصْحَابِ السِّهَامِ بِهِ فَلَمْ يَجِبْ، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَالصَّحِيحُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - أَنَّهُ لاَ يَجِبُ التَّعْمِيمُ لأَِنَّهُ يَتَعَذَّرُ.
وَمَنْ فُقِدَ مِنْ هَذِهِ الأَْصْنَافِ أُعْطِيَ الْبَاقُونَ نَصِيبَهُ. (1)
وَاخْتَلَفَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِيمَنِ اجْتَمَعَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ وَصْفٍ، أَوْ سَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الاِسْتِحْقَاقِ مِنَ الْخُمُسِ:
فَقَال الشَّافِعِيَّةُ: مَنِ اجْتَمَعَ فِيهِ وَصْفَانِ أُخِذَ بِأَحَدِهِمَا بِاخْتِيَارِهِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَزْوًا جَازَ الأَْخْذُ بِهِمَا. (2)
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنِ اجْتَمَعَ فِي وَاحِدٍ أَسْبَابٌ كَالْمِسْكِينِ إِذَا كَانَ يَتِيمًا وَابْنَ سَبِيلٍ، اسْتَحَقَّ بِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا لأَِنَّهَا أَسْبَابٌ لأَِحْكَامٍ، فَوَجَبَ أَنْ نُثْبِتَ أَحْكَامَهَا كَمَا لَوِ انْفَرَدَتْ، فَلَوْ أَعْطَاهُ لِيُتْمِهِ فَزَال فَقْرُهُ لَمْ يُعْطَ لِفَقْرِهِ شَيْئًا. (3)
الْقَوْل الثَّانِي:
9 - قَال الْحَنَفِيَّةُ: يُقْسَمُ خُمُسُ الْغَنِيمَةِ ثَلاَثَةَ أَسْهُمٍ: لِلْيَتَامَى، وَالْمَسَاكِينِ (وَيَشْمَلُونَ الْفُقَرَاءَ) وَأَبْنَاءِ السَّبِيل.
وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُول وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيل} (4)
__________
(1) مغني المحتاج 3 / 95، القليوبي 3 / 189، المغني 6 / 12.
(2) القليوبي 3 / 189.
(3) المغني 6 / 414.
(4) سورة الأنفال / 41.
الصفحة 16