كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 20)
بِالْعَقْدِ مَعَ طُول الْفَصْل. فَهَذَا الْمُسْقِطُ يُقَصِّرُ مِنْ أَجَل الْخِيَارِ أَكْثَرَ مِنَ التَّفَرُّقِ أَوِ التَّخَايُرِ. لأَِنَّهُ يَحْصُرُهُ فِي حَالَةِ التَّعَاقُدِ الْجَادَّةِ وَهِيَ بُرْهَةٌ يَسِيرَةٌ. وَالرَّاجِحُ لَدَى الشَّافِعِيَّةِ هُوَ الْوَجْهُ الأَْوَّل الْقَائِل بِأَنَّهُ ثَابِتٌ حَتَّى التَّفَرُّقِ أَوِ التَّخَايُرِ (1) .
انْتِهَاءُ الْخِيَارِ:
5 - أَسْبَابُ انْتِهَاءِ الْخِيَارِ مُنْحَصِرَةٌ فِي التَّفَرُّقِ، وَالتَّخَايُرِ (اخْتِيَارِ إِمْضَاءِ الْعَقْدِ) . وَهُنَاكَ سَبَبٌ ثَالِثٌ يَنْتَهِي بِهِ الْخِيَارُ تَبَعًا لاِنْتِهَاءِ الْعَقْدِ، أَصْلاً، وَهُوَ فَسْخُ الْعَقْدِ، ذَلِكَ أَنَّ الْفَسْخَ هُوَ الَّذِي شُرِعَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ لإِِتَاحَتِهِ، لَكِنَّهُ يَأْتِي عَلَى الْعَقْدِ وَمَا بُنِيَ عَلَيْهِ. وَكَذَلِكَ يَسْقُطُ الْخِيَارُ بِالتَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ، وَبِالْمَوْتِ، عَلَى خِلاَفٍ بَيْنَ الْمَذَاهِبِ الْقَائِلَةِ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ.
أَوَّلاً: التَّفَرُّقُ:
6 - يَنْتَهِي خِيَارُ الْمَجْلِسِ بِالتَّفَرُّقِ، وَهُوَ سَبَبٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمُثْبِتِينَ لَهُ، وَيُرَاعَى فِيهِ عُرْفُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ (2) .
ثَانِيًا - التَّخَايُرُ:
اخْتِيَارُ لُزُومِ الْعَقْدِ:
7 - مِنْ أَسْبَابِ انْتِهَاءِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ اخْتِيَارُ لُزُومِ الْعَقْدِ، عَلَى أَنْ يَحْصُل ذَلِكَ مِنَ الْعَاقِدَيْنِ
__________
(1) المجموع 9 / 180.
(2) المجموع 9 / 180، والمغني 3 / 507، ونهاية المحتاج 4 / 8، ومغني المحتاج 2 / 45، والمكاسب 222.
كِلَيْهِمَا، فَيَسْقُطَ بِهِ الْخِيَارُ، وَسَبِيلُهُ أَنْ يَقُولاَ: اخْتَرْنَا لُزُومَ الْعَقْدِ، أَوْ أَمْضَيْنَاهُ، أَوْ أَلْزَمْنَاهُ، أَوْ أَجَزْنَاهُ أَوْ نَحْوَهُ. وَاجْتِمَاعُهُمَا عَلَى اخْتِيَارِ اللُّزُومِ يُسَمَّى: التَّخَايُرُ (1) ، وَلَهُ نَظِيرُ الأَْثَرِ الَّذِي يَحْدُثُ بِالتَّفَرُّقِ.
الْخِلاَفُ فِي التَّخَايُرِ:
8 - اخْتَلَفَ الْمُثْبِتُونَ لِخِيَارِ الْمَجْلِسِ فِي انْتِهَائِهِ بِالتَّخَايُرِ، فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ وَصَفَهَا ابْنُ قُدَامَةَ بِأَنَّهَا أَصَحُّ إِلَى انْتِهَاءِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ بِالتَّخَايُرِ.
وَذَهَبَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى إِلَى عَدَمِ انْتِهَاءِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ بِالتَّخَايُرِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلاَمِ الْخِرَقِيِّ فِي مُخْتَصَرِهِ (2) . مُسْتَنَدُ الرِّوَايَةِ الْمُقْتَصِرَةِ عَلَى التَّفَرُّقِ أَنَّ أَكْثَرَ الرِّوَايَاتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ وَلاَ تَخْصِيصٍ، وَهِيَ رِوَايَةُ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، وَأَبِي بَرْزَةَ، وَأَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
أَمَّا مُسْتَنَدُ الرِّوَايَةِ الْمُصَحَّحَةِ الَّتِي تَجْعَل الْمُسْقِطَ أَحَدَ الأَْمْرَيْنِ: التَّفَرُّقَ أَوِ التَّخَايُرَ، فَهُوَ الرِّوَايَاتُ الأُْخْرَى الْمُتَضَمَّنَةُ لِذَيْنِكَ الأَْمْرَيْنِ، كَرِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ الْمَرْفُوعَةِ: فَإِنْ خَيَّرَ أَحَدُهُمَا
__________
(1) ومن صور اختيار اللزوم أن يقولا: تخايرنا العقد.
(2) المجموع 9 / 190، شرح المنهج 3 / 106، المغني 3 / 486 م 2757.
الصفحة 173